أدى تراجع الاقتصاد في نيوزيلندا إلى زيادة ملحوظة في عدد المواطنين الذين يغادرون البلاد، حيث قدر تقرير حكومي حديث أن 131,200 شخص قد غادروا نيوزيلندا في الأشهر الاثني عشر المنتهية في يونيو، وهو رقم قياسي. من بين هؤلاء، يُقدر أن حوالي 80,200 هم مواطنون نيوزيلنديون، وهو ما يمثل زيادة بنسبة نحو 70% مقارنة بالعام المنتهي في يونيو 2019، قبل جائحة كوفيد-19.
وفقًا لشبكة “CNBC”، يرى العديد من الشباب في نيوزيلندا أن ظروف العمل الحالية، بما في ذلك قلة فرص العمل وتجارب العمل المحدودة، هي عوامل رئيسية تدفعهم إلى البحث عن فرص أفضل في الخارج. وقد أدت عمليات الإغلاق الصارمة المتعلقة بجائحة كوفيد-19 إلى تأخير خطط السفر، لكن الآن، مع عودة الحياة إلى طبيعتها، يتطلع الكثيرون للحصول على تجارب دولية.
نيك توفلي، كبير الاقتصاديين في بنك ASB النيوزيلندي، أشار إلى أن الطلب على تجربة العيش في الخارج كان مكبوتًا بعض الشيء خلال الجائحة، لكن التعافي الاقتصادي المضطرب بعد الجائحة قد شجع جيل الألفية وجيل Z من النيوزيلنديين على المغادرة. وفقًا للإحصاءات الحكومية، يتراوح أكثر من 50% من المهاجرين النيوزيلنديين في العام المنتهي في يونيو 2024 بين 20 و39 عامًا، مع كون الفئة العمرية بين 25 و29 عامًا هي الأكبر بين المغادرين.
شموبيل إيكوب، كبير خبراء الاقتصاد في معهد نيوزيلندا للأبحاث الاقتصادية، أكد أن تباطؤ الاقتصاد في نيوزيلندا وخسائر الوظائف، خاصة بين الأجيال الشابة، كانا من العوامل التي أدت إلى زيادة الهجرة. وأضاف أنه حتى يتحسن سوق العمل، من غير المتوقع أن يتوقف هؤلاء المهاجرون عن مغادرة البلاد.
في بداية الجائحة، فرضت نيوزيلندا عمليات إغلاق صارمة وعزلاً إلزاميًا للقادمين، مما أدى إلى عودة حوالي 40 ألف نيوزيلندي إلى بلادهم بين مارس وأبريل 2020. رغم النجاح في القضاء على الفيروس لفترات طويلة، إلا أن القدرة على تحمل تكاليف السكن، بما في ذلك الإيجارات وأقساط الرهن العقاري، بقيت مرتفعة بشكل مفرط.
تُظهِر البيانات أن أستراليا أصبحت الوجهة المفضلة للنيوزيلنديين المهاجرين، حيث تقدم الحكومة الأسترالية تسهيلات خاصة للنيوزيلنديين بما في ذلك تأشيرات خاصة وفرص للحصول على الجنسية بعد أربع سنوات من الإقامة. إضافة إلى ذلك، تشجع أستراليا العمال النيوزيلنديين من خلال عروض مغرية في القطاع العام.
تشير التقارير إلى أن الأجور في أستراليا أعلى بكثير مقارنة بنيوزيلندا، مما يجعلها وجهة جذابة للعمال النيوزيلنديين، وخاصة في قطاع البناء والهندسة، الذي شهد تباطؤًا كبيرًا في نيوزيلندا. وفقًا لتوفلي، فإن نيوزيلندا تخسر أيضًا مهارات الأكاديميين الذين يسعون للعمل في الخارج.
على الرغم من هذه المخاوف بشأن هجرة الأدمغة وفقدان العمال المهرة، فإن إيكوب يعتقد أن الوضع الاقتصادي في نيوزيلندا قد يزداد سوءًا قبل أن يتحسن، بسبب السياسات الاقتصادية مثل أسعار الفائدة المرتفعة، التي تقيّد الإنفاق وتؤثر على النمو الاقتصادي. ويتوقع أن يبدأ الاقتصاد في الاستجابة للتحسينات المحتملة بعد عام 2025.