امرأة حكمت فاس… سيدة حرة “حسناء” و شخصية تاريخية تولت حكم المدينة العتيقة بذكائها

 

حافظت زهور بنت منصور زيان الوطاسي على فاس مدينة هادئة وكان ذلك عبر الحكمة والذكاء، على الرغم من جميع المشاكل و الفتن قبل بداية عهد الدولة الوطاسية.

تولت هذه السيدة التي أهملها التاريخ، تسيير شؤون مدينة فاس، ووضعت جميع السلطات بين يديها، وكان مغرب ذلك الزمان يواجه أطماعاً لا تعد ولا تحصى، لاسيما بعد الوجود العثماني في المغرب الأوسط والأدنى، والايبيريين في البرتغال و إسبانيا، إلا أنها على الرغم من ذلك استطاعت أن تحافظ على الحكم إلى أن تولى أمره محمد الشيخ الوطاسي، أول الملوك الوطاسيين في المغرب.

حكمت زهور بنت منصور بن زيان الوطاسي مدينة فاس لأكثر من سنة، في مرحلة انتقالية حساسة بين دولتين، في الفترة التي شهدت فيها منطقة المغرب الأقصى تطورات سياسية كبيرة، وهذا يؤكد قوة وشجاعة هذه السيدة التي أمسكت بزمام الأمور في وقت وُصف بالعصيب. بقيت فاس تحت حكمها سنة كاملة في الفترة ما بين 875 و 876 هـجرية.

بعد خلع السلطان المريني عبد الحق الثاني بايع أهل فاس محمد بن علي العمراني الجوطي سلطانا على المغرب، لكن إمارة هذا الشريف الإدريسي لم تدم طويلا إذ سرعان ما خلعه أبو الحجاج يوسف بن منصور الوطاسي عام 875 هجرية، هكذا جاءت أخت أبي الحجاج زهور الوطاسية إلى حكم فاس بدعم من قائده السجيري إلى أن تولى الأمر عام 876 هجرية محمد الشيخ الوطاسي، أول ملوك الوطاسيين.

كانت زهور الوطاسية امرأة عظيمة تفوقت على رجال ذلك الزمان الذين كان هاجسهم الزحف نحو السلطة عبر خلق الفتن وسط مجتمع المدينة العريقة.
تولت الزهراء الوطاسية حكم العاصمة العلمية ، لمدة سنة واحدة فقط تمكنت خلالها من وضع اسمها في مصاف أهم الشخصيات التاريخية بالمغرب ، ثم تركت بعدها الحكم لأسباب مجهولة.

لقبت “بالحسناء” و “السيدة الحرة” وهي زهور بنت منصور بن زيان الوطاسي أخت أبي الحجاج يوسف الوطاسي، وأضحت من خلال سنة حكم، من الشخصيات التاريخية في فاس، حيث لعبت دورا مرموقا في أواخر الدولة المرينية و أول عهد الدولة الوطاسية.

تاريخ ميلاد زهور بنت منصور بن زيان الوطاسي يبقى مجهولا، ذلك أن المصادر التاريخية لا تذكر عنها شيئا قبل أن تظهر في حكم المدينة العتيقة فاس.

كيف تولت الحسناء زهور بنت منصور بن زيان الوطاسي حكم مدينة فاس.

منذ 1358 م بدأت الدولة المرينية تتهاوى سريعا، تولى الحكم سلاطين دون سن الرشد (1358-1374 م ثم 1393-1458 م) كانوا بلا رأي، و وُضع هؤلاء تحت وصاية أقربائهم من الوطاسيين، كما قام أصحاب غرناطة بتولي دور الوصية (1373-1393 م).

آخر السلاطين عبد الحق (1421-1465 م) استطاع أن يتخلص من أقربائه الوطاسيين بعد أن أقام لهم مذبحة كبيرة سنة 1458 م، لم يدم الأمر على حاله وقام سكان فاس بثورة على المرينيين، ثم صار بعده في يد الوطاسيين.

و تذكر بعض الروايات، أن أحوال الدولة المرينية اضطربت في عهد السلطان عبد الحق بن أبي سعيد آخر ملوك بني مرين بسبب واقعته الكبرى ببني وطاس وتوليته يهوديين على أهل فاس استبدا وتغطرسا إلى حد أن أحدهما تعسف على امرأة شريفة وانهال عليها بالضرب وألهبها بالسياط ، فجعلت تتوسل بالنبي فكان يتميز غيظا كلما سمع اسم رسول الله ويتعمد المبالغة في تعذيبها ، وهو ما أثار سخط الناس وتحول السخط الناس إلى ثورة ، وأعلنوا خلع السلطان عبد الحق وبايعوا نقيب الأشراف بفاس، أبا عبد الله محمد بن علي الإدريس الجوطي العمراني الذي اعتقل عبد الحق وانتزع منه خاتم الملك ثم اقتيد إلى الإعدام فضربت عنقه وهكذا انتهى دور دولة بن مرين.

لم تدم إمارة هذا الحاكم طويلا، إذ سرعان ما خلعه أبو الحجاج يوسف بن منصور الوطاسي، ويقول الرواة: «بقيت فاس في يد أخت أبي الحجاج زهور الوطاسية مع قائده السجيري إلى أن تولى الأمر محمد الشيخ الوطاسي أول الملوك الوطاسيين».