رجال يقفون على الطريق، يعقمون السيارات المارة، يفحصون حرارة السائق والركاب قبل أن يسمحوا لهم بالدخول، وفي حال تجاوزت حرارتهم المعدل الطبيعي، يأخذونهم لأقرب مستشفى، هم مجموعة من الشباب، تطوعوا لكي يحصنوا قريتهم تيزا ببومرداس من كورونا، ولكي تبقى علاقتهم بالفيروس عن بعد فقط، وتظل مجرد أخبار قادمة من باقي المناطق الجزائرية، معيدين بذلك دور الهيئة المحلية المعروفة بـ”ثاجماعث” إلى الواجهة.
على خطى قرية تيزا، تطوع عدد من سكان مجموعة من قرى ولاية تيزي وزو، فور دخول كورونا إلى الجزائر، شهر مارس الماضي، من أجل الحفاظ على طهارة أرضهم الصغيرة من كوفيد-19، مصدرين عدة قرارات ملزمة للساكنة، من بينها الحجر الذاتي الكامل، ومنع الغرباء من الدخول، عبر الوقوف في مداخل القرية، والسماح فقط لأهلها الذين لم تتجاوز حرارتهم المعدل الطبيعي، بالولوج، وذلك بعد تعقيمهم بالكامل.
قرية تيروردا، الواقعة على بعد 70 كيلومترا جنوب شرق ولاية تيزي وزو، أعلنت في الـ 25 من مارس الماضي، حالة حجر ذاتي، ما تزال مستمرة إلى اليوم، مانعين الزيارات والتجمعات ومؤجلين كل المناسبات، من بينها حفلات الزفاف والعقيقة وغيرهما.
تراقب هيئة “ثاجماعث”، بقرية تيروردا الأوضاع، وتتكلف بتسيير شؤون السكان، تصدر القرارات الجديدة، وفي حال رصد أي مستجد، تسارع للاجتماع في المقر، وهي حجرة صغيرة وسط القرية، تحتضن اللقاءات الدورية للمتطوعين، الذين يأتون إليها، من أجل الحديث عن الوضع، أو التخطيط لدعم الأسر المعوزة المتضررة من فترة الحجر الصحي.
في الحالات الضرورية، خاصة المتعلقة بـ”المرض”، تصدر هيئة “ثاجماعث” رخصا استثنائية للسكان، من أجل مغادرة القرية، هي عبارة عن كتابة على ورق لا تحمل أي ختم، ولكنها بمثابة وثيقة رسمية لا تقبل النقض ولا الطعن، وهي ملزمة للمتطوعين على مداخل المدينة، بأن يسمحوا لحامليها بالخروج أو الدخول.
يقوم أعضاء “ثاجماعت”، بالتجول في القرية ومد السكان بالأكل، وقارورات الغاز للمنازل التي لا تتوفر على شبكة الغاز الطبيعي، يحملون النفيات ليرموها في الأماكن المخصصة لها خارج “تيروردا” في انتظار مرور شاحنة البلدية لنقلها إلى المطرح العمومي، يقومون بكل شيء من أجل ضمان التزام قاطني قريتهم بالحجر الصحي، والبقاء في بيوتهم، وبالنسبة للعائدين للقرية، خاصة الذين يعملون في المدن، فإنهم مطالبين، بأوامر من “ثاجماعث”، بلزوم البيت لمدة أسبوعين.