طرح عبد المجيد تبون، رئيس الجزائر، بداية الشهر الحالي، للنقاش العام، مسودة لتعديل الدستور، كأول خطوة من خطوات برنامجه الإصلاحي ، وذلك خلال المرحلة الاستثنائية التي تشهدها البلاد، والعالم، بتفشي فيروس كورونا المستجد، واضطرار المحتجين للتوقف مؤقتا.
وتضمنت مسودة التعديل الدستوري، ما مجموعه 240 مادة، موزعة على عدة فصول ضمن 7 أبواب في 56 صفحة، حيث حملت عددا من التغييرت في عدة مجالات، من بينها حرية تأسيس الجمعيات والتظاهر، بالإضافة لتثبيت مكانة الأمازيغية كمادة غير قابلة للتعديل.
مجموعة من نشطاء الحراك الجزائري، أعربوا، في تصريح سابق لقناة “الجزيرة” القطرية، عن تحفظهم بخصوص هذا التعديل، خاصة أنه صيغ داخل غرفة الرئاسة، ولم يتم إشراك الشعب في هذا الأمر، إلى جانب طرحه في وقت يفترض ألا يتم فيه إجراء أي تغيير بحجم تعديل الدستور، لأن الوضع لا يسمح بذلك، ولابد من أن ينصب التركيز على طرق التغلب على كورونا، وتفادي الأسوأ، لا استغلال الظرفية الراهنة لمآرب سياسية.
وحسب عدد من المراقبين، فإنه وإلى جانب تضمن الدستور لعدد من الأمور الإجابية، فقد حوى أيضا كثيرا من المواد التي يراد بها تثبيت النظام القائم لا إصلاحه، مثل الصلاحيات الواسعة التي أضيفت لرئيس الجمهورية، خاصة في الشق المتعلق بتعيينه لنائبه من اختياره، والذي يكون فوق منصب رئيس الحكومة (الوزير الأول حاليا)، الأمر الذي أثار جدلا واسعا، باعتبار أن الأنظمة شبه الرئاسية في العالم، اعتادت على تقاسم السلط بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ولا وجود لرجل ثالث بين الشخصين.
هذا، ونصت مسودة الدستور، على تعيين رئيس الجمهورية، لرئيس الحكومة، بعد استشارته للأغلبية البرلمانية فقط، أي من دون أن يكون ملزما باختيار فرد من الأغلبية البرلمانية، الأمر الذي اعتبره البعض مادة مهيئة للالتفاف على رغبة الشعب في أي لحظة، فحتى ولو صوت الجزائريون لصالح فئة، يمكن للرئيس أن يعين على رأس الحكومة شخصا لا ينتمي إليهم، على حد قول بعض المعارضين للتعديل.
يرى عدد من حراكيي الجزائر، بأن استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، جاء لتفادي تكرار سيناريو الذي عرفته الجزائر بعد مرض عبد العزيز بوتفليقة، حيث تشكل فراغ كبير في البلاد، الأمر الذي دفع للتجه لإحداث هذا التغيير، ومنح نائب الرئيس في حالة مرض أووفاة الرجل الأول في الدولة، صلاحية خلافته، وبما أنه معين من سابق لا منتخب، فهذا المنصب مرفوض رفضا مطلقا من الشارع.
كما أن المسودة الجديدة، حملت تغييرا في عقيدة الجيش الجزائري، بعد أن تم الإقرار بإمكانية إرسال جنود إلى خارج الحدود، والتي رآها البعض، خطوة متهورة من الرئاسة، خاصة بعد الخبر الذي أوردته صحيفة “الجزائر تايمز”، بخصوص دخول كتيبة من الدرك الحربي لمئات الكيلومترات داخل التراب الليبي، لمنح اللواء المتقاعد خليفة حفتر المنقلب على الشرعية، بعضا من الأسلحة والذخيرة الحربية.