الجزائر في قلب العواصف الإقليمية: هل تغيّر الحياد التقليدي إلى براغماتية جديدة؟

على امتداد أكثر من 2.4 مليون كيلومتر مربع، تواجه الجزائر تحديات متصاعدة على مختلف حدودها، وسط سياق دولي متحوّل أعاد رسم خريطة التحالفات الإقليمية، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتحوّل ملف الطاقة إلى ورقة ضغط سياسية.

ورغم محاولاتها التموقع كقوة إقليمية ووجهة موثوقة في سوق الغاز، تجد الجزائر نفسها وسط دائرة أزمات، تمتد من خلافات مع المغرب، وفتور مع فرنسا، إلى توتر غير مسبوق مع الإمارات، وارتباك في العلاقات مع مالي والنيجر، إضافة إلى تباينات مع مصر.

سياسة خارجية أكثر حضورًا

يرى خبراء أن الجزائر تخلت تدريجيًا عن حيادها التقليدي لصالح مقاربة أكثر حضورًا، مدفوعة برغبة في استعادة الدور الذي تقهقر خلال مرحلة حكم بوتفليقة. فقد سعت للانضمام إلى “بريكس”، ووسّعت علاقاتها الطاقية مع أوروبا والولايات المتحدة، حيث تراهن على جذب الاستثمارات الأميركية، رغم الحذر في المواقف من قضية الصحراء الغربية.

توتر مع الإمارات وخلافات تتجاوز الإعلام

العلاقات الجزائرية-الإماراتية شهدت تصعيدًا إعلاميًا عقب تصريحات مثيرة للجدل على قناة إماراتية، ردّت عليها الجزائر رسميًا باتهامات صريحة. ورغم أن العلاقات كانت “ذهبية” سابقًا في عهد بوتفليقة، فإن تغير موازين القوى في الجزائر بعد 2019 دفع إلى إعادة النظر في الشراكات، خصوصًا في ظل الخلافات حول ملف التطبيع مع إسرائيل ودعم أبوظبي للمغرب.

مصر: توافق هشّ وخلافات خفية

بينما تسعى الجزائر لتوسيع الوساطات الإقليمية كما في ملف سد النهضة، اصطدمت بتحفظ مصري متزايد. الانسحاب المصري من مناورات عسكرية مشتركة بسبب مشاركة جبهة البوليساريو، يعكس حرص القاهرة على التوازن بين الجزائر والمغرب، رغم وجود خلافات أعمق حول ليبيا وإصلاح جامعة الدول العربية.

علاقات معقدة مع فرنسا

منذ تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون عن “ريع الذاكرة”، والاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية في مرحلة من الشد والجذب، عنوانها الأبرز “سياسة الندّية” التي يتبناها تبون، وردود دبلوماسية متبادلة وصلت إلى طرد السفراء.

مواجهة مفتوحة مع المغرب

يبقى الملف الأشد حساسية هو الصحراء الغربية، الذي أدى إلى قطع العلاقات مع المغرب سنة 2021، وتحوّل إلى سباق تسلّح وتنافس نفوذ في أفريقيا، خاصة في منطقة الساحل حيث يدور صراع خفي بين الرباط والجزائر على الزعامة الإقليمية.

جبهة الجنوب: مالي والنيجر

في الجنوب، تشهد العلاقات الجزائرية مع دول الساحل توتراً حاداً، بلغ حدّ تبادل استدعاء السفراء، بعد اتهامات متبادلة بدعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية. وألغت مالي اتفاق الجزائر للسلام، مما أثار قلق الجزائر بشأن أمن حدودها الجنوبية، خصوصًا مع تنامي الدور الروسي عبر “Africa Corps”.

المصدر : صحافة بلادي