الجزائر تحاول الاستيلاء على تاريخ المغرب والأندلس: جدل مستمر ورفض مغربي واسع

أثار التصريح الأخير من الحكومة الجزائرية بشأن استيلائها على بعض الأحداث التاريخية المرتبطة بالمغرب والأندلس ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والثقافية المغربية، التي اعتبرت هذا التصرف بمثابة “سطو على تاريخ مشترك” ومحاولة لتشويه الحقائق التاريخية.

في خطوة جديدة تثير الجدل، تسعى الجزائر إلى إعادة تأويل بعض الحقائق التاريخية الخاصة بالحضارة الأندلسية واعتبارها جزءًا من الهوية الجزائرية. وفي الوقت نفسه، تتجاهل بشكل متعمد الدور المهم الذي لعبه المغرب في تلك الحقبة التاريخية، سواء من خلال الفتوحات الإسلامية في الأندلس أو من خلال دور المغاربة في إدارة العديد من المناطق في الأندلس خلال القرون الوسطى.

المغرب كان له تأثير كبير في بناء الحضارة الأندلسية، إذ كانت مدنه مركزًا علميًا وثقافيًا شهد ازدهارًا في تلك الفترة، وكانت المرابطين والموحدين من أبرز الإمبراطوريات التي حكمت الأندلس. وبالتالي، يعتبر أي ادعاء جزائري يسعى لتحريف هذا التاريخ تجاهلًا للحقائق التاريخية ويشوه الدور المركزي للمغرب في تلك الحقبة.

التاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو جزء أساسي من الهوية الوطنية لكل دولة. والمغاربة يعتبرون أن تاريخ الأندلس هو جزء لا يتجزأ من تاريخهم وحضارتهم. الفتوحات التي قام بها القائد العربي طارق بن زياد وجيوش المغرب إلى الأندلس لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُختزل أو تُنسب إلى دولة أخرى، خاصة وأن المغاربة كان لهم حضور قوي وفاعل في تلك الفترة.

ردود الفعل المغربية كانت سريعة وحاسمة، حيث أدانت العديد من الشخصيات السياسية والهيئات الثقافية في المغرب هذا التصرف، معتبرين أنه تعدٍ على التاريخ المشترك للمنطقة. وأكدوا على ضرورة الحفاظ على الحقيقة التاريخية كما هي، وأن أي محاولة لتغيير هذه الحقائق لم تُحقق إلا لتعزيز أجندات سياسية ضيقة.

في حين يعتقد البعض في الجزائر أن هذه المحاولات تمثل استعادة لمكانة الجزائر في التاريخ الإسلامي والعربي، فإن المغرب يرى فيها تهديدًا لمحاولة فرض رواية تاريخية مزورة لا تخدم إلا مصالح سياسية معاصرة.

ورغم الخلافات السياسية والاقتصادية بين البلدين في الوقت الراهن، يظل التاريخ المشترك في الأندلس أحد النقاط التي يُمكن أن تشكل جسرًا للاتصال والتعاون بين المغرب والجزائر. لكن التلاعب بهذا التاريخ لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوترات بين الشعبين الشقيقين.

ختامًا، يرى العديد من المؤرخين المغاربة أن الحفاظ على الذاكرة التاريخية أمر لا يمكن التهاون فيه، حيث تُعتبر الحقائق التاريخية جزءًا من الهوية الوطنية لكل شعب. وسيظل الجدل حول هذه القضية مطروحًا في الساحة السياسية والثقافية في السنوات القادمة.

المصدر : صحافة بلادي