في ظل تصاعد التوترات الدبلوماسية بين الجزائر وكل من مالي والنيجر، اتهمت سلطات نيامي الجزائر بترحيل آلاف المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو أراضيها، في ظروف وصفتها بغير الإنسانية. وقد وثقت تقارير محلية ودولية عمليات طرد جماعية قالت إنها شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال شهر أبريل 2025.
وبحسب معطيات رسمية من السلطات النيجرية، فقد تم ترحيل أكثر من 5000 مهاجر خلال هذا الشهر فقط، من بينهم ما يزيد عن 1100 شخص في يوم واحد، السبت 19 أبريل، وهو ما أثار موجة استنكار على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة بعد تداول تقارير تفيد بأن المهاجرين طُردوا إلى مناطق صحراوية نائية تعرف بـ”النقطة صفر”، الواقعة على الحدود الجزائرية-النيجرية.
تنديد دولي وتحذيرات من أزمة إنسانية
وسائل إعلام نيجيرية ومالية، من بينها موقع “مالي آكتو”، أفادت أن المطرودين ينتمون إلى جنسيات متعددة، بما في ذلك مواطنون من مالي، النيجر، وساحل العاج، إلى جانب مهاجرين من دول آسيوية. إلا أن اللافت في التقارير أن أغلب المرحّلين هم من الماليين والنيجريين، ما دفع مراقبين إلى الربط بين عمليات الطرد الأخيرة والتصعيد الدبلوماسي بين الجزائر ودول تحالف الساحل (مالي، النيجر، وبوركينا فاسو).
وتعود أسباب التوتر، حسب مصادر إعلامية، إلى حادثة وقعت في الأول من أبريل، عندما أسقطت طائرة مسيّرة تابعة للجيش الجزائري طائرة عسكرية مالية كانت تستهدف موقعًا يُشتبه في احتوائه على عناصر مسلحة قرب الحدود المشتركة. واعتُبرت هذه الخطوة عملًا عدائيًا من قبل الدول المعنية.
أرقام قياسية في الترحيل وقلق حقوقي متصاعد
وفقًا لمعطيات صادرة عن منظمة “Alarme Phone Sahara” النيجرية، نقلتها صحيفة “لوموند” الفرنسية، فقد تم طرد أكثر من 31 ألف مهاجر من الجزائر نحو النيجر خلال سنة 2024، وهو رقم غير مسبوق، بحسب المنظمة، التي تحدثت عن “معاملة عنيفة وخطيرة” قد ترقى إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وتشير تقارير أخرى إلى أن عدداً من هؤلاء المهاجرين لقوا حتفهم أثناء عبورهم الصحراء الكبرى، بسبب ظروف الترحيل القاسية، ما دفع منظمات حقوقية دولية إلى المطالبة بفتح تحقيقات مستقلة.
وفي يونيو 2023، كانت “المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب” (OMCT) قد وجهت رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهمت فيها الجزائر باستخدام أساليب وصفَتها بـ”اللاإنسانية” في التعامل مع المهاجرين، مشيرة إلى حالات تعذيب واحتجاز تعسفي، إضافة إلى مصادرة الوثائق والممتلكات خلال عمليات الترحيل.
علاقات متأزمة في محيط إقليمي مضطرب
ويأتي هذا التصعيد في وقت تعرف فيه علاقات الجزائر مع بعض جيرانها في منطقة الساحل حالة من الجمود والتوتر. ففي أكتوبر 2023، نفت النيجر بشكل قاطع وجود أي تفويض للجزائر للوساطة بينها وبين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، ما فُسر حينها كمؤشر على تراجع الثقة بين البلدين.
وتبقى التطورات الجارية في المنطقة مرشحة لمزيد من التعقيد، في ظل غياب مبادرات دبلوماسية حقيقية لتخفيف حدة التوتر، واستمرار تبادل الاتهامات بشأن الأدوار الإقليمية والسياسات المرتبطة بالهجرة والأمن.
المصدر : صحافة بلادي