زلزال تركيا و مخاطر إحتمالات انهيار سد النهظة !!

ولكن معظم السدود التركية قد تم تشييدها بقرار سياسي، ضاربة عرض الحائط بالدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة، حتى تلك التي صدرت عن معاهد تركية مثل معهد كاندالي ومركز مراقبة الهزات الأرضية بجامعة بوجاذي في إستطنبول، اللذان حذرا من بناء تلك السلسلة من السدود الضخمة داخل هضبة الأناضول التي تحيط بها من الجنوب والشرق والشمال صدوعاً أرضية زلزالية عميقة، وتتكون جيولوجيتها في باطن الأرض من صفائح تكتونية قابلة للإنزلاق، مما يؤدى زيادة الضغط على هذه الصفائح إلى حدوث إنزلاقات زلزالية مدمرة، وقد سبق أن شهدت هذه المنطقة بالفعل زلزالاً مدمراً عام 1999، راح ضحيته 39 ألف قتيل.

حيث تعدُّ تركيا من أكثر دول العالم تعرضاً للزلازل، بسبب التركيب الجيولوجي للطبقات الأرضيةوالأخطر أن سلسلة الزلازل التي شهدتها المنطقة تسببت في حدوث صدوع وفوالق أرضية عميقة طوقت المنطقة بإمتدادات تزيد أطوالها عن 100 كيلومتر يقع أهمها بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية، هذا الصدع تحول إلى منطقة غير مستقرة، قابلة للأنشطة الزلزالية.


فإذا أضفنا إلى ذلك تشييد خزانات مائية لشبكة السدود، يبلغ إجمالي ثقلها قرابة 651 مليار طن، فإن ذلك كفيل ليس فقط بالتأثير على القشرة الأرضية، وإنما قد يبطئ معدلات حركة دوران الأرض ولو لثواني، بما لذلك من تأثيرات سلبية على استقرارها.

حيث وقع فجر يوم السادس من فبراير 2023، في هضبة الأناضول التركية زلزالين كبيرين مدمرين بقوة غير مسبوقة، الأول بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر استمر 65 ثانية، والثاني بنفس الشدة ومدته 45 ثانية، وبوقوعهما اهتزت المنطقة بشكل بالغ الخطورة لمدة دقيقتين تقريباً أعقبهما تسجيل آلاف من الهزات الإرتدادية.


وكان مركز الزلزال المدمر في مدينة كهرمان مرعش التركية، على عمق نحو 18 كيلومترا عند فالق شرق الأناضول ،فالطاقة المنبعثة من الزلزال تعادل طاقة 500 قنبلة ذرية، وبلغت حصيلة ضحايا الزلزال قرابة 40 ألف قتيلاًوأكثر من 80 ألف مصاباً، بخلاف نحو مليون و50 ألف مواطن يقيمون في مراكز إيواءٍ مؤقتة تم إنشاؤها في المناطق المنكوبة.

هذه الزلازل الرهيبة ناتجة عن ضغوط خزانات المياه ضخمة الحجم الواقعة خلف السدود التركية، بدليل أن فالق شرق الأناضول يتصف بالإستقرار، ولم يتسبب في حدوث أي نشاط زلزالي كبير منذ عام 1999، لكن المتغير الوحيد الذي طرأ خلال العشر سنوات الأخيرة، هو تلك الكميات الضخمة من المياه، التي إعتادت سابقاً على استكمال رحلتها في إتجاه سوريا والعراق ثم شط العرب على الخليج العربي، ولكنها تعرضت للإحتجاز خلف شبكة السدود التي شيدتها تركيا خلال السنوات الأخيرة.


وأن بنية المساكن في تلك المناطق لا تتوافق بالفعل مع طبيعة المنطقة المعرضة لخطر الزلازل العنيفة، وذلك رغم إصدار السلطات التركية تشريعاً عام 2004 يلزم جميع المباني الجديدة بالإمتثال لمعايير مقاومة الزلازل، إلا أن فساد المحليات حال دون تطبيقهِ.

وكان قد تسربت مياه البحيرات الواقعة خلف السدود، من خلال الشقوق والشروخ والفواصل في طبقات الأرض، إلى الأحواض الجوفية المشبعة أصلاً بالمياه، حيثُ أدى ذلك إلى زيادة كميات المياه بها وتمددها، والضغط على الشروخ مما أدى إلى توسعها،و أحدث تخلخلاً في هذه الفوالق ومما ضاعف من قوة زلزال منطقة الأناضول هو حركة الصفيحة العربية بإتجاه الصفيحة الأوراسية في نفس وقت الإنزلاقات التكتونية التي حدثت في طبقات القشرة الأرضية، ليؤدي ذلك في مجمله إلى تحرك الأراضي التركية أكثر من 4 أمتار في إتجاه البحر المتوسط، وظهر في كثير من المواقع فوالق مختلفة بإزاحات تتجاوز 3 أمتار، ما أدى الى تأثيرات مدمرة كان أبرزها تلك الإنحرافات والإلتواءات في مسارات قضبان السكك الحديدية لأمتار عديدة.

وبعض الخبراء أشاروا إلى أنه إذا انهار سد تركي أو أكثر من السدود العملاقة، فإن ذلك يمكن أن يحدث دماراً بمناطق شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق، وقد يصل إندفاع التيار المدمر إلى الخليج العربي .


ونقلت بعض وكالات الأنباء التركية صوراً للمياه المخزنة وراء السد، وهي تتدفق بكثافة وسرعة هائلة نحو سوريا في اتجاه «زاخو» بمحافظة دهوك العراقية. ولكن لا تتوافر معلومات تؤكد تفريغ سد إليسو «21 مليار متر مكعب» بعد الزلزال.. لكن المؤكد أن الزلازل قد أدت الى حدوث تشققات عميقة في سد سلطان سويو في ملاطيه، مما إضطر السلطات إلى فتح بواباته لتصريف المياه، حتى يتسنى النظر فيما إذا كان قابلا للإصلاح أو يلزم هدمه.

وأكدت وزارة الموارد المائية العراقية أن كميات المياه الواردة للعراق من تركيا كانت أقل من المتفق عليه لفترات طويلة، وبالتالي أبدت استعدادها لإستقبال أي كمية مياه ترد من تركيا مباشرة نهر دجلة أو عن طريق سوريا نهر الفرات.

خزانات السدود العراقية كانت فارغة، مما يسمح بإستقبال أي كميات مياه ترد للعراق دون خسائر في منشآت الري، فالعراق كان قد أبدى رغبته بإلحاح في إيفاد وفد فني لتركيا لبحث موضوع شح مياه الفيضانات، لكنه لم يتسلم رسالة واضحة لتحديد موعد وبرنامج الزيارة، أما بالنسبة لإيران، فقد تلقى العراق دعوة لزيارة ممثلي وزارة الموارد المائية لطهران، ولكن لحضور المؤتمر الحضري للمياه، دون أي وعد بالإلتزام بتوصل الجانبين لإتفاق يحقق بعض التقدم بخصوص ملف المياه.

المصدر : صحافة بلادي