لا يزال بعض الجزائريون يرفضون نسيان جراح العشرية السوداء، التي فقدوا فيها عشرات الآلاف من أحبائهم، كما لا تزال قريحة الباحثين يجمعون أسرار ما جرى وأطراف الأحجية في إبداعات أدبية من أجل الذاكرة الجماعية لهذا الشعب “الجريح”، من أجل عدم نسيان تلك المجازر التي أغرقت البلاد الجزائرية في بحر من الدماء ومشاعر الانتقام البشعة، نتيجة انقلاب الجيش على نتائج صناديق الاقتراع، ذات انتخابات كانت أول وآخر موعد رأى فيها الشعب الجزائري سلوكا ديمقراطيا حقيقيا ببلادهم.
في ذات السياق، كتاب “ربيع الإرهاب في الجزائر” الذي صدر مؤخرا بفرنسا، يكاد يتسبب اليوم في أزمة دبلوماسية حقيقية بين فرنسا والجزائر، نتيجة محتواه الذي يوجه أصابع الاتهام إلى تورط الثلاثي الحاكم اليوم في بلاد الشهداء؛ “سعيد شنقريحة” و “خالد نزار” و “توفيق مدين”، في جرائم إبادة ترقى إلى جرائم حرب، تم خلالها إهدار دم الجزائريين بأبشع الطرق العدائية.
مؤلف الكتاب (ربيع الإرهاب في الجزائر) “اعمر ادريس” هو أحد أبناء منطقة لقبايل التي كانت مسرحا لمعظم الانتقامات الكيدية للحكام الجزائر حسب ماتقوله الوثائق والشهادات المتضمنة داخل فصول الكتاب، الذي روى فيه مؤلفه بكل دقة تفاصيل ما جرى خلال العشرية الدامية، حيث يتضمن الكتاب شهادات حية ممن كانوا ضمن كتائب الموت العسكرية التي أرسلت ليلا لانتزاع أرواح المواطنين الأبرياء، من أجل إنزال التهمة بالجماعات الإسلامية و شيطنتها.
وعزز المؤلف كتابه بوثائق تؤكد تلك الأحداث وتزكي الاتهامات الموجهة للقادة الجزائريين العسكريين الذين يصنعون جزائر اليوم بعدما ذبحوا 350 ألف مواطن بدم بارد حسب الكتاب شعب الجزائر في الأمس.