الحلقة الثانية :محمد بلخضير، إنه الأستاذ محمد بلخضير من رجالات المقاومة الوطنية الحقة بأسفي ترعرع كشاب هادئ الصمت من مميزاته يعمل بدون كلل، ولد السي امحمد بلخضير بمدينة أسفي سنة 1918 بدرب لمعصرة بالمدينة العثيقة من أسرة عريقة عرفت بالعطاء وعزة النفس . التحق في بداية مشواره الدراسي كباقي أبناء مدينته بمدرسة مولاي يوسف.بأسفي ، ثم انتقل بعدها إلى الرباط قصد متابعة دراسته في كوليج مولاي يوسف بحيث أحرز من بين التلاميذ القليلين في ذلك الوقت على شهادة الباكالوريا، مما سمح له بمتابعة دراسته الجامعية بإحدى فروع الجامعة الجزائرية بالرباط، وبها نال الإجازة في مادة الرياضيات بإستحقاق مشرف وذلك يتجلى ويظهر في نجاحه في دراسته فهو يعتبر من النوابغ المحدودين في ذلك الوقت خاصة أن فرنسا كانت بالمرصاد لكل من أراد الاستمرار ومواصلة الدراسة، إذ كانت تسعى إلى أن يبقى المستوى الدراسي للمغاربة محدودا.. لكن بلخضير كان له رأي آخر اذ لم يثنيه ذلك على تحقيق ما كانوا يسعون إليه، خاصة وأن المغرب في أمس الحاجة إلى أطر مغربية حقيقية قادرة على الرقي بالوطن ودحر مزاعم المستعمر ولا ننسى أن السيد امحمد بلخضير كان من الرعيل الأول من الشباب الذين ولجوا ميدان التدريس ومقاومة المستعمر. إذ كان محط احترام وتقدير من طرف القيادات الوطنية الكبرى للمقاومة إذ كان بيته بمدينة آسفي مكانا آمنا لكل من لجأ اليه إبان الحماية الفرنسية
ومعلوم عن الأستاذ أمحمد بلخضير أنه كان نشيطا لا يعرف للراحة طعما ،وكان من الشباب الأوائل للتوقيع على وثيقة المطالبة بالإستقلال ليوم 11 يناير 1944 ودائم الاتصال بأقطاب الوطنية وعلماء السلفية، من ذلك أنه كان وثيق الصلة بالعلامة الفقيه محمد غازي الذي حل بأسفي سنة 1935 ليشتغل وكيلا شرعيا، لقد استفادت آسفي الكثير من الأستاذ امحمد بلخضير، كما أفاد منها هو كذلك إذ يقول: ” إن مدينة أسفي وأهلها، عشاق للحرية متفانون في الدفاع عنها، وطنيون ملتفون على عرشهم العلوي المجيد، وبذلك كانت هذه المدينة قلعة منيعة منذ بدايات التغلغل الأجنبي، حيث عرفت أشكالا عدة من المواجهات والصراعات من أجل طرد المستعمر…” ويبدو من خلال هذا الكلام أن مدينة أسفي شكلت أول مدرسة في الوطنية الصادقة التي تشبع بها الأستاذ بلخظير ومنها انطلق مدافعا عن كرامة الوطن إلى جانب ثلة من الوطنيين الغيورين على هذا البلد الأمين. لقد تعددت نشاطاته، وتميزت أعماله.مما كان له صدى إيجابي على مدينته والتي ما زال سكانها يتذكرونه بكل خير، بعد أن أبلى البلاء الحسن ووضع صورة حية وجميلة عن مدينته تتغنى وتفتخر بها الأجيال اللاحقة من شبابنا الذي يغمرهم الطموح الوطني الصادق ومستمرين في مسيرة البناء ومزيدا من الانتصارات التي أحرز عليها المغرب في ميادين الفكر والثقافة والفنون.
فكانت وفاة السيد امحمد بلخضير يوم 16 شتنبر سنة 2000. صدمة قوية لذا كل من عايشه اذ خلف موته حزنا في نفوس كل من عاشره.. نظرا لما كان يعرف عنه من نزاهة واستقامة وخير تكريم له هو إطلاق أهم الأجنحة بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بآسفي بإسمه ، وقد عمل رحمه الله ضمن خلايا الطلبة لمقاومة المستعمر ، مارس التعليم ثم استقال منه تحت ضغط المستعمر بعد توقيعه على عريضة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 ، و سجن وعذب سنوات 1952 و 1954 ، وبعد الاستقلال عين كأول باشا على مدينة أسفي ثم استقال لمزاولة أعماله الحرة إلى أن وافته المنية سنة 2000.