تشهد أسواق بيع الملابس المستعملة، المعروفة محلياً بـ”البال”، إقبالاً واسعاً من مختلف شرائح المجتمع المغربي، في ظاهرة لم تعد تقتصر فقط على ذوي الدخل المحدود، بل امتدت لتشمل حتى فئات ميسورة تبحث عن قطع نادرة تحمل توقيع علامات تجارية عالمية.
وتعرض هذه الأسواق، التي تنتشر في كبريات المدن، رزم ضخمة من الملابس والأحذية والأفرشة، وحتى قطع الأثاث القادمة أساساً من أوروبا، بأسعار مغرية مقارنة بالمنتوجات الجديدة. ويجد فيها البعض فرصة للعثور على “كنوز” لا تتكرر، بينما أصبحت وجهة مفضلة أيضاً لبعض المؤثرين الذين لا يترددون في توثيق تجاربهم مع “البال” على منصات التواصل الاجتماعي.
لكن في مقابل هذا الإقبال المتزايد، تُطلق جمعيات حماية المستهلك ناقوس الخطر. فقد أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، أن هذه الملابس قد تشكل تهديداً صحياً مباشراً، بالنظر إلى طريقة استيرادها وغياب المراقبة الكافية. وأوضح في تصريح لـ”العربية.نت” أن القانون المغربي يُلزم مورّدي هذه السلع بتقديم شهادة تعقيم لدى الجمارك، غير أن “رزم البال تصل في حاويات دون التأكد من معالجتها، ما يرفع خطر انتقال أمراض مصدرها الدول المصدرة إلى داخل البلاد”.
ومن جهتها، شددت الدكتورة مريم قابول، الأخصائية في الجراحة التجميلية، على أن هذه الملابس قد تحمل بكتيريا وفطريات غير مألوفة محلياً، مما يصعّب على الأطباء تشخيص بعض الحالات الجلدية. وأضافت أن الأحذية المستعملة تمثل مصدر خطر أكبر، نظراً لصعوبة تعقيمها بالشكل المطلوب، فضلاً عن احتمال تسببها في التهابات أو أمراض جلدية خفية.
وفي ظل هذه التحذيرات، طالبت قابول بضرورة تفادي اقتناء الأحذية والملابس الصوفية والجلدية المستعملة، لعدم إمكانية ضمان خلوها من الطفيليات والجراثيم.
القلق من “البال” لم يبقَ خارج أروقة المؤسسات الرسمية، إذ دخل البرلمان المغربي على الخط. فقد وجهت النائبة فدوى الحياني سؤالاً كتابياً لوزير الصحة، أمين التهراوي، طالبت فيه بإجراءات أكثر صرامة لمراقبة هذه الملابس وتعقيمها قبل توزيعها في الأسواق. واعتبرت الحياني أن ما وصفته بـ”الخطر الصحي الصامت” يجب ألا يُغفل، خاصة مع تزايد الإقبال من الأسر ذات الدخل المحدود التي قد لا تدرك التهديدات الصحية الكامنة في هذه القطع المستعملة.
وفيما تتواصل حركة البيع والشراء داخل أسواق “البال”، تظل مسألة الموازنة بين الحاجة الاقتصادية والحماية الصحية مطروحة بإلحاح، في انتظار أن تتضح مواقف الجهات الرسمية من هذه التجارة التي تدر أرباحاً بالملايين، لكنها تثير الكثير من الجدل.
المصدر : صحافة بلادي