يواصل البرلمان التونسي مناقشة مقترح قانون جديد يهدف إلى إنشاء صندوق وطني لرعاية كبار السن، في مسعى لتوفير حماية اجتماعية وصحية لهذه الفئة، ومواجهة تحديات التهرم السكاني الذي بات يفرض نفسه على السياسات الوطنية.
ويُسند تسيير الصندوق، وفق المقترح المقدم من عدد من نواب البرلمان، إلى وزارة الأسرة والمرأة والمسنين، على أن يموَّل من ميزانية الدولة، واقتطاعات من معاشات المتقاعدين، بالإضافة إلى الهبات والقروض الموجهة لهذا الغرض.
تصريح برلماني: الوضع المالي لا يواكب تطلعات المسنين
وفي تصريح صحفي خص به “العربي الجديد”، أكد النائب يوسف طرشون أن “الوضع المالي الحالي لا يسمح بتحقيق جودة الرعاية التي تستحقها فئة كبار السن”، مشيرًا إلى أن الحاجة إلى تطوير التشريعات الوطنية الخاصة بهذه الشريحة “أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى”.
وأضاف طرشون:
“من مهام المؤسسة التشريعية اليوم تهيئة الأرضية القانونية والمؤسساتية لاستقبال التغيرات الديمغرافية التي تشهدها تونس… يجب أن تكون مؤسسات الدولة مستعدة لتوفير رعاية شاملة ومتخصصة لما يقارب 20% من المواطنين الذين سيتجاوزون سن الـ65 على المدى المتوسط”.
تغيرات في الهرم السكاني وتراجع في الولادات
وتشير بيانات رسمية إلى أن نسبة كبار السن سترتفع إلى 18% من إجمالي السكان سنة 2030، وإلى أكثر من 20.9% بحلول 2034، بينما تتراجع نسبة المواليد بشكل متسارع، حيث انخفض عدد الولادات من 220 ألفًا في 2015 إلى 135 ألفًا في 2023، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء.
وحذر الباحث في الديموغرافيا منذر السوودي من أن هذه التحولات تنذر بـ”انفجار ديموغرافي عكسي”، موضحًا أن “الخصوبة في تونس بلغت 1.7 طفل لكل امرأة، وهو معدل لا يضمن تجدد الأجيال”، ما يجعل كبار السن الفئة الأكثر استهدافًا بسياسات الصحة والضمان الاجتماعي.
نحو رعاية شاملة ومتقدمة
ويهدف الصندوق الجديد إلى إصلاح البنى التحتية الخاصة بكبار السن، وتطوير برامج التدريب الطبي في مجال طب الشيخوخة، إلى جانب دعم إدماج هذه الفئة في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية، من خلال تمويل مشاريع إنتاجية وتسهيل مشاركتهم في الانتخابات.
غير أن مؤسسات الرعاية لا تزال تواجه تحديات كبيرة في مواكبة هذه التغيرات، إذ تبقى مهن العناية بالمسنين خارج أنظمة التغطية الاجتماعية والرقابة القانونية، مما يهدد بزيادة الهشاشة لدى هذه الفئة التي تمثل ركيزة اجتماعية متنامية في تونس الحديثة.

المصدر : صحافة بلادي