تشهد تونس ارتفاعًا حادًا في هجرة الأدمغة والكفاءات العليا، خاصة في مجالات الهندسة، الطب، والتخصصات التقنية. وتعود هذه الظاهرة إلى ضعف الأجور، وغياب بيئة عمل محفزة، إضافة إلى قلة الفرص المتاحة في السوق المحلية.
راتب ضعيف يدفع إلى الهجرة
محمود الظاهري، مهندس برمجيات تونسي، يروي لـ”العربية.نت/الحدث.نت” تفاصيل رحلته من تونس إلى فرنسا بحثًا عن مستقبل أفضل. بعد تخرجه عام 2018، عمل لمدة عام في شركة خاصة بالعاصمة تونس، لكن راتبه لم يتجاوز 300 يورو شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية نفقاته.
مع انسداد فرص التوظيف في القطاع العام وضعف المردودية في القطاع الخاص، قرر البحث عن فرصة في الخارج. بعد عدة محاولات، حصل على عقد عمل في مدينة ليون الفرنسية، براتب يفوق 2200 يورو شهريًا. وأكد أن العديد من زملائه سلكوا نفس الطريق بحثًا عن حياة مهنية أكثر استقرارًا.
39 ألف مهندس غادروا البلاد
وفقًا لهيئة المهندسين في تونس، غادر حوالي 39 ألف مهندس من أصل 90 ألفًا مسجلين بالهيئة. وتشير التقديرات إلى أن معدل الهجرة اليومية يبلغ 20 مهندسًا، وهو ما يعكس حجم الأزمة المتفاقمة.
في المقابل، تواصل تونس استثمار حوالي 650 مليون دينار سنويًا في تكوين المهندسين، ما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الاستثمارات في ظل استمرار نزيف الكفاءات.
مشروع قانون مثير للجدل
في محاولة للحد من هذه الظاهرة، اقترح نواب في البرلمان التونسي مشروع قانون يجبر المهندسين والأطباء الراغبين في العمل بالخارج على دفع تعويضات مالية للدولة نظير كلفة تعليمهم.
لكن هذا المقترح واجه انتقادات واسعة، حيث اعتُبر انتهاكًا للحرية الفردية بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، مثل تحسين الأجور وبيئة العمل.
مستقبل غامض للكفاءات التونسية
مع استمرار موجة الهجرة، تواجه تونس تحديًا حقيقيًا للحفاظ على مواردها البشرية. وإذا لم تُتخذ إجراءات عملية لتحسين أوضاع المهندسين والمتخصصين، فقد يتواصل نزيف الكفاءات، مما يهدد مستقبل التنمية في البلاد.
المصدر : صحافة بلادي