تُعتبر تونس من أبرز منتجي معادن الفوسفات على مستوى العالم، حيث كانت تحتل مكانة متميزة في سوق الأسمدة، إلا أن حصتها في السوق شهدت تراجعاً كبيراً عقب الثورة في عام 2011.
تسبب تصاعد الاحتجاجات والإضرابات المحلية في تقليص الإنتاج بشكل مستمر، مما ألحق بالدولة خسائر اقتصادية ضخمة تُقدر بمليارات الدولارات. في السنوات الأخيرة، لم يتجاوز إنتاج تونس من الفوسفات الثلاثة ملايين طن سنوياً، في حين كان الإنتاج في عام 2010 يصل إلى 8.2 مليون طن.
تسعى تونس اليوم، في ظل أزمة مالية خانقة، إلى استعادة مكانتها كأحد المصدرين الرئيسيين، وذلك للاستفادة من الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة. وقد أعلنت الحكومة التونسية، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، عن برنامج طموح يهدف إلى تطوير إنتاج الفوسفات ونقله خلال الفترة من 2025 إلى 2030.
أكدت الحكومة في بيان لها أن الفوسفات يعد ثروة وطنية وأحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد، مشيرة إلى ضرورة استعادة مكانته التي طالما أسهمت بشكل كبير في تعزيز الموارد المالية للدولة، بما يسهم في تعزيز تعافي الاقتصاد التونسي.
قبل الثورة، كان الفوسفات أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة التي تضخ في ميزانية الدولة، ولكن مع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، انخفض الإنتاج بشكل ملحوظ، مما انعكس سلباً على موارد الدولة.
تعتبر منطقة الحوض بولاية قفصة في جنوب تونس المصدر الرئيس لإنتاج الفوسفات، ورغم أهميتها الاقتصادية، فإن المنطقة تعاني من تهميش مستمر، حيث يشهد سكانها احتجاجات مستمرة للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية.
بعد الثورة، أدت الاحتجاجات المتكررة في المنطقة، والتي كانت تطالب بتوفير فرص العمل، إلى انخفاض كبير في إنتاج الفوسفات. وفي عام 2021، خرج المئات من سكان مدينة قفصة في تظاهرات تطالب بتحسين البنية التحتية وتوفير وظائف، كما دعا السكان إلى إنشاء مستشفى جامعي وتوفير أطباء اختصاص، خصوصاً مع تزايد الأمراض الناتجة عن التلوث الناجم عن عمليات استخراج الفوسفات ومعالجته.
ورغم الوعود المتكررة من قبل السلطات بتوفير آلاف الوظائف في المؤسسات العامة المحلية، مثل شركة فوسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي، إلا أن معدل البطالة في الولاية يظل مرتفعاً، حيث يبلغ 28.8% وفقاً لإحصائيات مؤسسة الإحصاء التونسي الحكومية.
المصدر : صحافة بلادي