بنيت المدرسة الرخامية أو المصباحية سنة 1346 أو 1347 وورد في بعض المصادر أنها بنيت سنة 1344م. شيدها أبو الحسن المريني على مقربة من جامع القرويين، وتسمى اليوم المدرسة المصباحية نسبة إلى أول الفقهاء المدرسين فيها وهو مصباح بن عبد الله الياصولتي المعروف بأبي الضياء المتوفى سنة 750هـ/ 1349م. وتعود الإشارة إليها باسم المدرسة الرخامية نسبة إلى الحوض الرخامي الذي يتوسطها ويزن 143 قنطارا، وقد جلب إليها هذا الحوض من ألمرية في الأندلس عن طريق البحر، ثم إلى العرائش، فوادي قصر عبد الكريم، ثم عبر وادي سبو، وحملته القبائل إلى مدرسة الصهريج بفاس، ثم نقل إلى المدرسة المصباحية بعد أعوام ليتوسط فناءها.
تتميز المدرسة بمعمارها الأندلسي الأخاذ، مع اللمسة المرينية التي ميزت عمران مدينة فاس في تلك الحقبة. وتتألف من بنايتين، يتوسط كل منهما صحن تحيط به غرف الطلبة من الجوانب. كما اشتملت على 117 غرفة، وثلاث طوابق إضافة إلى الطابق السفلي (دمر منها الطابق العلوي كليا)، ولها بابان (الأولى تفضي إلى سقاية العين والثانية تطل على ممر بوطويل، وكانت لها باب ثالثة تطل على زنقة الحجامة). وقاعة صلاة دون محراب، وتتوسطها سارية من الرخام.
كانت تعتبر المدرسة المصباحية من بين أكبر المدارس وأكثرها استقبالا للطلبة، ويجيئها معظمهم من حوز مراكش وجهات دكالة وعبدة والشياظمة وجبالة. وكانت طاقتها الاستيعابية تصل إلى 140 طالب علم، لكنها غالبا ما كانت تستقبل 100 طالب فقط، وتحصل من أحباس خبزة المدرسية على 100 خبزة من أصل 400 خبزة موجهة لمدارس فاس، ولاينقص هذا العدد ولا يزيد مهما تقلص أو زاد عدد الطلبة..
بعد أن كانت وجهة لطلاب الفقه والفلك لقرون من الزمن، فقد تعرضت معالمها للإتلاف والتخريب، وسرقت محتوياتها وما تزخر به من قطع أثرية غاية في الروعة، وطمست بعض زخارفها ونقوشها، كما انهارت بعض أجزائها نتيجة الإهمال الطويل، ولم تسلم من السرقة والتخريب إلا البلية الرخامية لأنها ثقيلة الحجم.
أعيد ترميم المدرسة المصباحية من قبل وكالة تنمية وتأهيل فاس، وباتت تابعة لجامعة القرويين ومفتوحة في وجه الطلبة والزوار، الذين يسحرهم جمالها وتبهرهم دقة تفاصيلها.
عن : ويكي فاس