كلمة السيد مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة بمناسبة اللقاء التواصلي والتنسيقي مع السادة المسؤولين القضائيين والأمنيين:
الرباط-الجمعة 11 يونيو 2021
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
– السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
-السيد ممثل المدير العام للأمن الوطني المحترم، السيد والي الأمن محمد الدخيسي مدير الشرطة القضائية؛
-السادة المسؤولون برئاسة النيابة العامة المحترمون؛
-السادة المسؤولون القضائيون المحترمون؛
-السادة المسؤولون الأمنيون المحترمون؛
-حضرات السيدات والسادة الأفاضل كل باسمه وصفته والتقدير الواجب لشخصه.
إنه لشعور متميز بالاعتزاز والسعادة ذلك الذي أستشعره وقد تيسر التئام هذا الجمع المبارك الذي يضم ثلة من خيرة المسؤولين القضائيين والأمنيين ببلادنا وهم الساهرون على إنفاذ القانون والمجندون لمواجهة الجريمة وفرض الأمن والنظام العامين وطمأنينة المجتمع، هؤلاء الذين يوحدهم حب الوطن والتفاني في خدمته، والحرص على ثوابته، وحماية مصالحه العليا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وعليه فأنتم مبعث للتشريف وأهل للتقدير من قبل رئاسة النيابة العامة التي أتشرف باسم مكوناتها بالترحيب بكم في هذا اللقاء العلمي المهني التواصلي.
وبهذه المناسبة أود بداية أن أتقدم باسمي الخاص وباسم مؤسسة رئاسة النيابة العامة للسيد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على تفضله بتشريفنا بحضوره الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة التي يرجع له الفضل في إرساء بنيانها وآليات اشتغالها كما أتوجه بوافر عبارات الشكر والامتنان والتقدير للسيد المدير العام للأمن الوطني على تفاعله الإيجابي وترحيبه بهذا اللقاء وتجاوبه الدائم مع كل المبادرات التي تهدف إلى تقوية آليات التواصل والتنسيق بين النيابة العامة والشرطة القضائية، كما أعبر له عن كامل الامتنان والإكبار على كل المجهودات والدعم والمساعدة التي يقدمها للعدالة كلما تطلب الأمر ذلك، آملاً دوام هذا التعاون فيما بيننا وتطويره وتجويده..
حضرات السيدات والسادة الأفاضل.
إذا كانت النيابة العامة هي الجهة القضائية التي خولها القانون صلاحية الإشراف على الأبحاث الجنائية وتسييرها، وتوجيه التعليمات لضباط الشرطة القضائية بخصوصها، والاستعانة بهم للتثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة، وايقاف مرتكبيها، فإن مصالح الشرطة القضائية بمختلف رتبها ودرجاتها هي عين النيابة العامة التي ترى بها وأذنها التي تسمع بها، والتي تحيطها علما بكل تفاصيل الجرائم المرتكبة ومقترفيها ومشاركيهم أو المساهمين معهم في ارتكابها، وتنجز الأبحاث اللازمة بشأنها.
لذلك فإن النيابة العامة لا يمكن أن تُفعل صلاحياتها الدستورية والقانونية بالشكل المطلوب دون عمل الشرطة القضائية.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل:
لا شك أن لقاءً مركزياً بهذا المستوى، وبحجم الحضور الذي يميزه، يشكل سابقة متميزة في عمل النيابات العامة التي اعتادت عقد لقاءاتها على المستوى المحلي أو الجهوي، مع المسؤولين عن الشرطة القضائية، وهو فرصة من الأهمية بمكان لا تعوض من أجل تبادل الأفكار والرؤى حول العمل المشترك والتنسيق بين النيابة العامة والشرطة القضائية على مستوى تدبير الأبحاث والإجراءات الجنائية والرفع من مستوى تنظيم وتأطير التعاون في أفق التأسيس لتجويد الأداء وتقديم خدمة أفضل للعدالة وللمواطن عموما ومرتفقي العدالة على وجه الخصوص.
كذلك، فإن هذا اللقاء يشكل فرصة هامة من أجل تشخيص الوضع القائم لشرعية الأبحاث القضائية بغية تثمين مكامن القوة ومعالجة مكامن النقص، هذا اللقاء مناسبة أيضا لرصد الصعوبات والإكراهات التي تواجه سلطات إنفاذ القانون في الممارسة العملية، ومحاولة إيجاد حلول واقعية لها، تستمد أساسها من الإطار القانوني المنظم للأبحاث الجنائية، وإضفاء لمسة وبعد حقوقي على هذه الأبحاث، بما يكفل تحقيق التوازن المنشود بين مكافحة الجريمة والحفاظ على أمن المجتمع من جهة، وصيانة الحقوق والحريات وكفالة كرامة المواطنين من جهة ثانية.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل
بعد مرور أربع سنوات تقريبا من شروع رئاسة النيابة العامة في مزاولة
مهامها، واستكمال تأسيس هياكلها، ووضع الملامح الأساسية لتوجهاتها الاستراتيجية، والكل بفضل من الله سبحانه، ومجهودات السيد الرئيس المؤسس أستاذنا الفاضل المحترم مَحمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أول رئيس للنيابة العامة، والفريق الذي اشتغل إلى جانبه، فإنني منذ حظيت بالثقة الملكية الغالية بتعييني رئيساً للنيابة العامة، وضعت ضمن أولوياتي تنفيذ التعليمات الملكية السامية الرامية إلى حماية الحقوق والحريات والدفاع عن الحق العام والدود عنه، في تلازم بين الحقوق والواجبات.
ومن تم أعتقد أن الوفاء بالقسم الواجب، وترجمة التعليمات الملكية السامية على أرض الواقع يقتضي أن يشعر المواطن عموما والمتقاضي على وجه الخصوص بنتائج وثمار العمل الذي نقوم به على المستوى المركزي، ولتحقيق ذلك لابد من تكاثف الجهود بين جميع الفاعلين في حقل العدالة الجنائية لنيل ثقة المواطن.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل
إن العلاقة التي تجمع النيابة العامة بالشرطة القضائية، مبنية على الإلتزام بالمقتضيات القانونية التي تؤطر مجالهما المشترك وهو إنجاز الأبحاث الجنائية وإحالتها على العدالة، وهي مهمة يتم القيام بها ولله الحمد بتنسيق كامل وسلاسة، وثقة متبادلة، واحترام تام للضوابط القانونية، غير أن الممارسة تكشف بين الفينة والأخرى بعض الثغرات القانونية، أو الصعوبات العملية وهو الأمر الذي يقتضي تشخيص الوضع القائم بخصوص تدبير الأبحاث والإجراءات ورصد مكامن القوة والضعف فيها، كما يقتضي دراسة سبل رفع جودة تدبير الأبحاث القضائية، و مواكبة التزامات المغرب الدولية وتوجهاته الاستراتيجية عبر تكريس وتقوية دعائم الحقوق والحريات في الأبحاث القضائية، ودراسة سبل تكريس القيم والمبادئ الأخلاقية في تدبير المهام المشتركة بين النيابة العامة والشرطة القضائية، فضلا عن تحسين ولوج المرتفقين للعدالة وتطوير آليات التواصل معهم.
وتشكل هذه النقاط صلب المحاور التي ستناقشها الورشات في هذا اليوم الدراسي التوالي والتنسيقي التي ستلي هذه الجلسة الافتتاحية، والتي ستعرف حضور ممثلين عن المشاركين من زملائنا بالمصالح الأمنية والوكلاء العامين للملك، بهدف تبادل التجارب ووجهات النظر ومناقشة التفاصيل التقنية، من خلال استحضار الإكراهات واستنباط الحلول، للخروج بتوصيات واقتراحات توحد الرؤى، وتصب أساسا في خدمة المواطن.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل:
لقد خطت بلادنا خطوات جبارة في إصلاح منظومة العدالة برعاية ملكية سامية، ولعل الأهداف المسطرة لهذا اللقاء تشكل لبنة أخرى من لبنات استكمال هذا الإصلاح، ويمكن للتوصيات والمقترحات التي سنخلص لها أن تشكل مصدر إلهام للمشرع، ما دامت تستمد مرجعيتها من المواثيق الدولية ذات الصلة بالمحاكمة العادلة وحقوق الإنسان، وتسعى بالأساس لتجويد تنفيذ النصوص القانونية وتطويعها بما يخدم المواطن، ويحقق طموحه المشروع في عدالة فعالة، سريعة، نزيهة، في مستوى تطلعاته، وسنعمل على إحداث لجنة للتنسيق على المستوى المركزي من أجل تتبع مخرجات هذا اللقاء وتفعيل توصياته، وإيجاد الحلول لجميع الإشكاليات المطروحة.
وفي ختام هذه الكلمة، أجدد شكري الجزيل للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على حضوره معنا والدعم الدائم الذي ما فتئ يقدمه لرئاسة النيابة العامة، والشكر والامتنان موصولان أيضا لجميع السادة أطر الإدارة العامة للأمن الوطني الممارسين لمهام الشرطة القضائية على تحملهم لمشاق الطريق وعناء السفر، رغم انشغالاتهم الكثيرة ومهامهم الصعبة، فلكم مني ومن قضاة النيابة العامة كل التقدير والاحترام، وفقنا الله تعالى لما فيه خير بلادنا الحبيب، تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن والأميرة الجليلة للا خديجة وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد وكافة أسرته الشريفة.
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.