لم تتوقع الحكومة الإسبانية برئاسة “اليساري” بيدرو سانشيز، أن تجد نفسها في مواجهة تيار سياسي مغربي صاعد بقوة، مشهرا الورقة الحمراء، في وجه السياسات الإسبانية المتلونة. كما أن الرأي العام داخل هذا البلد الإيبري لم يكن مستعدا لمواجهة الضغط النفسي الرهيب الذي قام نشطاء اليمين القومي المغربي بتسليطه عليهم. فبين عشية و ضحاها، وجدت إسبانيا نفسها حكومة و شعبا في مواجهة موجة ضخمة من المقالات، و المنشورات، و مقاطع الفيديو التي قام نشطاء اليمين القومي المغربي بإغراق مواقع التواصل الإجتماعي بها للتتصدر حملتهم الترند داخل المغرب و إسبانيا في مواكبة حصرية منهم لحذث إجتياح مدينتي سبتة، و مليلية السليبتين، و هو الأمر الذي دفع بشخصيات سياسية وازنة بأن تدق ناقوس الخطر، من تصاعد الفكر اليميني بالمغرب، حيث أنه بات يشكل تهديدا حقيقيا للإستعمار الإسباني لسبتة، و مليلية، و فزاعة حقيقية للمملكة الإيبيرية إن نجح هذا التيار، في الوصول إلى مواقع القرارداخل المغرب. فبعد أن وجدت إسبانيا نفسها مجرورة نحو دوامة من المشاكل، و الإنتقادات لا اول لها ولا آخر سببتها السياسات الإرتجالية، التي تنهجها صوب المغرب بخصوص بعض القضايا التي تهم العلاقات الثنائية بين المملكتين، و كيف إن سوء تقديرها للخطوط الحمراء الذي يضعها المغرب بخصوص قضية الصحراء و علاقته بالجزائر، كل ذلك تسبب بإشعال فتيل أزمة دبلوماسية عميقة مع المغرب الذي إختار سياسة التصعيد و ربط قضية “بن بطوش” بقضية الهجرة، و بمغربية مدينتي سبتة، و مليلية السليبتين، لتجد إسبانيا نفسها مجبرة على فتح النقاش حول الوضعية السياسية للمدينتين، و هي التي لطالما عملت كل مافي وسعها على مر الحكومات المتعاقبة من أجل قبر هذا الملف و إبعاد أي حوار ثنائي عنه مع المغرب. إنه حقا سيناريو مرعب بالنسبة للإسبان حيث أن آخر ما يتمنون هو الجلوس على طاولة التفاوض حول عدد من القضايا الحساسة مع سياسيين مغاربة بعقلية يمينية تضع العديد من الخطوط الحمراء في تعاملها مع كل مايمس بالقضايا السيادية للوطن.
لكن الغريب في الأمر هو كيف للفاعلين في صناعة القرار من وراء الكواليس بإسبانيا بأن يفوتهم كل هته التغيرات السياسية الكبيرة التي عرفها المغرب في الآونة الأخيرة.
في الحقيقة إن مشاهد تلك الألوف المؤلفة من جحافل المهاجرين و هم يزحفون برا و بحرا إلى سبتة و مليلية المحتلتين، و ما رافقه من ضغط شعبي كبير، من قبل نشطاء اليمين القومي المغربي، سوف يدفع إسبانيا بأن تعيد حساباتها و تغير طريقة تقيمها للعلاقة التي تربطها مع المغرب لكي لا تجد نفسها يوما ما في إصطدام مباشر مع نخبة سياسية جديدة صاعدة لاتؤمن إلا بشعار واحد “المغرب قبل كل شيء و لا غالب إلا الله”.
بقلم : إسماعيل واحي