لا يجب أن نكون متفائلين فقد نشهد موجة ثانية من اكتساح الفيروس

الوضعية الوبائية، وهل من الممكن حقا أن ندخل في مرحلة رفع الحجر أم ليس بعد.

ألا يعني هذا أن المغرب اليوم يشهد موجة ثانية من الفيروس. خاصة وأن أعداد الاصابات انخفض بشكل كبير مع نهاية الشهر الماضي قبل أن تعود إلى الارتفاع مجددا ؟

في كل الأحوال يجب توخي الحذر، وألا نكون متفائلين أكثر من اللزوم. وأنا اليوم أعتقد أنه من الصعب جدا أن يتم رفع الحجر الصحي بشكل نهائي، فالأرقام المسجلة يجب أن نقرأها بطريقة علمية وبشكل متأني وبدون عاطفة، وأن نقوم بإعداد إستراتيجية متكاملة، وحتى بعد إقرار خروج تدريجي من الحجر الصحي، وهنا أسطر باللون الأحمر على عبارة » تدريجية « فهذا يجب أن يكون مقترنا بالانضباط والاجراءات الوقائية التي يجب أن تستمر لشهور وشهور، فالرفع التدريجي من الحجر الصحي ال يعني أنه يجب أن نتخلى عن الكمامة والتباعد الاجتماعي وغسل اليدين بالصابون بشكل دائم.

إذا لم ننضبط بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي فمن المؤكد أن الوضع سيعود إلى ما كان عشناها مع الكثير من الفيروسات السابقة، على غرار فيروس » سارس « الذي بقي لسنتين قبل أن يختفي، لكنه عاد من جديد بشكل متشدد.

لكن في مقابل ذلك، هناك من يقول أن هذا الفيروس هو فيروس موسمي، وقد يختفي مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة، وهو الطرح الذي يتبناه العالم الفرنسي ديدييه راوول. ما رأيك أنت خاصة وأن حدة الفيروس عرفت تراجعا كبيرا في أوروبا التي كانت بؤرة للوباء؟

تابعت جميع خرجات ديدييه راوول، كما تابعت كذلك ما قاله الطبيب الفرنسي الاخر لوك مونتانييه، الحاصل على جائرة »نوبل« للطب، والذي يشغل الان منصب مسؤول في معهد »باستور« في باريس، ذلك المعهد الذي أتشرف بالانتماء إليه وتكونت فيه وأعرفه بشكل جيد. في الحقيقة نحن لا نعرف فيروس »كورونا« جيدا، فقط بدأنا للتو في التعرف عليه، فهو فيروس مستجد. العلماء حسموا في بعض الأمور المرتبطة بهذا الفيروس على غرار فترة حضانته المحددة في 14 يوما، وهم متأكدون من أعراضه الاكلنيكية المتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة وصعوبة التنفس، كما أثبتت بعض الدراسات أن هذا الفيروس ينتقل عن طريق اللعاب الذي يخرج من الفم، وبعد ذلك بدأنا نشك أن هذا الفيروس ينتقل في الهواء، لكن بقي السؤال هل يمكنه أن يعيش لثالث ساعات في الهواء أم أنه يبقى معلقا حسب المناخ والبيئة ونسبة الرطوبة، ولذلك نقول أن التباعد الجسدي هو حل من الحلول لمواجهة انتشار هذا الفيروس، أما باقي الأمور المرتبطة بخصائصه فكلها اجتهادات و احتمالات يجب أن تستمر بخصوصها الأبحاث والدراسات.

لم تجبني بعد على السؤال. هل يمكن أن يكون هذا الفيروس موسميا؟

هذا الفيروس بدأ من الصين ثم انتقل إلى أوروبا من خلال إيطاليا، ثم انتقل إلى بريطانيا وبعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية ثم نزل بأمريكا اللاتينية الأرقام الحالية تؤكد اليوم أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولى في العالم من حيث الإصابات والوفيات، متبوعة ببريطانيا ثم البرازيل، بينما أوروبا أصبحت تتعافى من هذا الفيروس وترفع الحجر الصحي بشكل متدرج. ولذلك فأنا لا أعتقد أن هذا الفيروس هو فيروس موسمي، لأنه يستمر في الانتشار في مختلف القارات، واليوم نجد أن ذروته في أمريكا الجنوبية، والحمد لله أن هذا الفيروس لم يضرب بقوة في القارة الافريقية ، ولو حدث ذلك لوقعت الكارثة.

باعتبارك متخصصا في علم الأوبئة والفيروسات، كيف تفسر أن هذا الفيروس لم ينتشر بقوة في القارة الافريقية ؟

< هذا السؤال ما يزال مطروحا بقوة من طرف المنظمة العالمية للصحة، وأنا شخصيا كتبت منذ شهر مارس الماضي عن الموضوع، وقلت إن الخطر يوجد في إفريقيا، بحكم أن هذه القارة تعاني من هشاشة في الميدان الصحي، وتعرف انتشارا للفيروسات على غرار الملاريا و ايبولا الذي قتل 11 ألف شخص في ظرف 6 أشهر، دون أن ننسى أن إفريقيا تعرف مجاعات وهجرة كبيرة نحو الشمال، فلو تحكم هذا الفيروس في القارة السمراء لحدثت الكارثة سواء على المستوى الاقتصادي أو الإنساني . الأرقام التي تم تسجيلها في القارة ليست هي التي كنا ننتظر تسجيلها في البداية، صحيح أنها ليست قليلة، لكنها في مقابل ذلك لم تكن مرتفعة، ويمكن أن نقول إن هذا الفيروس قفز على إفريقيا، ففي المغرب مثال لم يتجاوز عدد الوفيات 208 أشخاص، بينما جارته الاسبانية بلغ فيها عدد الوفيات 27 ألفا، فهل كان البحر االأبيض المتوسط حاجزا أمام انتقال الفيروس أم أن طقس إفريقيا والحرارة التي شخصيا لم أقتنع بعد بأدلة تقول أن هذا الفيروس تسرب من مختبر في ووهان الصينية، فمنظمة الصحة العالمية لا تقول هذا الكلام مما أدى إلى نشوب صراع بينها وبين أمريكا التي سحبت مساهماتها المالية للمنظمة التي تصل إلى 400 مليون دولار سنويا .