ولد محمد الخامس ابن السلطان مولاي يوسف عام 1909م، في مدينة فاس المغربية، وهو ملك مغربي من سلالة العلويين، وقد تولى العرش عام 1927م، وحتى وفاته في السادس والعشرين من شهر فبراير من عام 1961م، وقد عاصر ذروة السيطرة الاستعمارية الفرنسية على بلاده، لكنه ناصر الحركة الوطنية من أجل اجلاء المستعمر، وهو أصغر إخوته الثلاثة، وقضى طفولته في القصر الملكي بفاس، قبل أن يتم الانتقال إلى الرباط التي أصبحت عاصمة المغرب، إذ تم تعيين محمد الخامس سلطاناً للمغرب، في عام 1927م، وقد نال المغرب الاستقلال عن الحكم الاستعماري الفرنسي في عهده، وكانت قد اختارته السلطات الفرنسية ليكون خليفة السلطان مولاي يوسف، وتوقعت منه أن يكون أكثر توافقاً من أخيه الأكبر سناً، ولكن بعد رفض السلطان محمد بن يوسف للإصلاحات المزعومة التي باشرتها السلطات الفرنسية، وفشل المفاوضات مع المسؤولين الفرنسيين، قامت السلطات الفرنسية بنفيه خارج المغرب، إلى مدغشقر في الفترة الواقعة من 1953 إلى 1955م، وبعد عودته منها أصبح سلطانا للمغرب لمدة سنتين، وفي عام 1957م أصبح ملكا للمملكة المغربية ، واستمر ملكاً على البلاد حتى وفاته، وقد سُمّي باسمه المطار الدولي للدارالبيضاء ، وعدد من الطرق، والجامعات، وكانت هذه التسميّة بعد وفاته، عربونا على نضالاته ضد المستعمر ومن باب الإعتزاز نتيجة الموروث الذي تركه لشعبه.
وقد استطاع أن يغير قواعد معادلة الإستعمار التحكمية لينصهر داخل بوتقة العمل الوطني البديل سواء بالنسبة لتنظيمات الحركة الوطنية السياسية أو بالنسبة لتجارب المقاومة المسلحة وجيش التحرير، كما اثبت شجاعة نادرة في تحدي الإرادة الاستعمارية وفي قهر جبروت التحكم فإختار الإنحياز لصف شعبه ووطنه ومقومات سيادته. فقد برهن الشعب المغربي للعالم تعلقه الدائم وحبه العارم لوطنه وملكه مبديا استعداده القوي واللامشروط لخوض أشد المعارك وتخطي أعتى الصعاب ذوذا عن مقدساته وصونا لكرامته النابعة من إبائه وأصالته، وهو ما أشار إليه جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه في خطابه بمناسبة الذكرى 19 لثورة الملك والشعب سنة 1963 واصفا هذه العلاقة المثينة بالرابطة التي نسج التاريخ خيوطها بعواصف المحبة المشتركة والأهداف الموحدة التي قامت دائما على تقوى من الله ورضوانه.
وتوفي السلطان محمد الخامس في عام 1961م، وكانت وفاته بشكل مفاجئ وغير متوقع، في مدينة الرباط وذلك بعد إجرائه لعملية جراحية بسيطة تتعلق بالأنف قد أودت بحياته، و تم تعيين ابنه الحسن الثاني لولاية عرش المغرب من بعده والذي واصل ترسيخ هذه المكتسبات من خلال الإلتزام بتنفيذ عدة اوراش ضخمة من أجل تنمية الوطن اقتصاديا وإجتماعيا، وهو ما سار عليه برؤية سديدة وانكب عليها بكل عزم وتفان في مواصلة تفعيل وتدعيم من أجل جعل المغرب قاطبة ينخرط في مرحلة جديدة من الحداثة والتنمية على جل الأصعدة وهيما تستلمه تلك العروة الوثقى التي تربط العرش العلوي مع الشعب المغربي من أجل رفع كل التحديات وتخطي كل الصعاب عن طريق التآزر الذي يشهده حاليا الشعب المغربي في ظل هذا الوباء الفتاك على الإنسان كورونا “كوفيد 19” الذي هو دليل على أن العرش العلوي متجدر منذ القدم .
مكتب آسفي :عبد الرزاق كارون