في الوقت الذي بدأت تتآكل فيه جاذبية تيارات، و أحزاب اليسار، و الإسلام السياسي في المغرب بعد أن قضت سنوات طويلة، في مراكز صناعة القرار السياسي بدون أن تنجح في إيجاد حلول ناجعة لمشاكل الشباب، و تطلعاتهم، و بعد أن عرت الأزمات عن زيف الشعارات التي رفعتها هذه التيارات لعقود من الزمن، كان لابد، و أن يبحث الشباب عن بديل سياسي يناسب طبيعة المجتمع المغربي، و يساعده على تحقيق تطلعاته و آماله, ومن هنا بدأت الشرارة الأولى لظهور أصوات نخبة من الأدمغة، و المفكرين من الشباب المثقف، الذي يؤمن بأن التغيير الحقيقي لن يأتي قطعا من التيارات السياسية المستوردة، و التي غالبا ما تتحرك وفق أجندات خارجية تنشط تبعا للتقلبات السياسية الدولية، و تمارس سياسة الركمجة، و الركوب على قضايا الشعب من أجل تحقيق مصالحها مما يزيد من تأزيم و تضخيم المشاكل عوض حلها و تحجيمها، فظهور الفكر القومي اليميني كتيار سياسي بديل هدفه صياغة سياسات تتلاقى و طبيعة المجتمع المغربي المحافظ و تتبنى قضاياه و مشاكله وفق منظور مغربي محض يراعي الخصائص التاريخية و البشرية التي ينفرد بها الشعب المغربي عن باقي شعوب العالم، في رفض تام للتبعية الخارجية على المستوى الثقافي والديني و الفني و السياسي التي تم تكريسها لعقود طويلة من قبل تيارات اليسار الراديكالي و الإسلام السياسي، الذي يتقن فن النحيب و التذلل للخارج و جلد الذات و تبخيس منجزات الدولة، فتيار اليمين في المغرب يبني آيديولوجيته على تقديس ثوابث الوطن أولا، و مكتسباته التاريخية، و عراقة نظام حكمه، و يعمل على شحذ الهمم إنطلاقا من إستحضار أمجاد الأجداد، و العمل على ترسيخ فكر إيجابي لذى الشباب، و حثهم على التشبه بأسلافهم عبر تاريخ، و الإندماج بقوة، و بروح وطنية عالية، في دينامية البناء، و الإصلاح التي تطلقها المؤسسة الملكية، و التحلي بروح المسؤولية في إيجاد حلول ناجعة للمشاكل المتراكمة، و وهو ما جعل تيار اليمين في المغرب يجذ له صدى واسعا بين صفوف الشباب خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، قد وصل إلى مرحلة من النضج يمكنه من تأسيس هيئة سياسية تضم جيلا جديدا من السياسيين الأكفاء، و نخبة واعدة من الطاقات، و الكفاءات القادرة على وضع تحليل عميق لمشاكل المجتمع، و وضع تصورات واقعية، و حلول حقيقية تراعي طابع المجتمع المغربي، و خصائصه و تصل به نحو التقدم المنشود، لذى فمن المتوقع جدا أن يشهد المغرب ميلاد حزب سياسي جديد، حزب ذو توجه يميني، و آيديولوجية قومية، حزب يقدس مصلحة المواطن، وقضايا الوطن ليكون البديل السياسي الأنسب للعبور بالمغرب من مرحلة إنسداد الأفق الحالية.
بقلم إسماعيل واحي