باريس تُبدي قلقها إزاء الأحكام القضائية في تونس وتُلوّح بغياب ضمانات المحاكمة العادلة

عبّرت فرنسا، في موقف علني لافت، عن قلقها الشديد حيال الأحكام القضائية الصادرة مؤخرا عن القضاء التونسي بحق عدد من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال، في قضايا تتعلق بـ”التآمر على أمن الدولة”، مشيرة إلى ما اعتبرته “غيابا لشروط المحاكمة العادلة”، في ما يُعدّ أول ردّ فعل دولي رسمي على هذه الأحكام المثيرة للجدل.

وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان أصدرته مطلع الأسبوع، أنّ باريس تابعت “بقلق” الأحكام التي وصفتها بـ”الثقيلة”، والتي شملت أيضا رعايا فرنسيين، معبّرة عن أسفها لما اعتبرته إخلالا بضمانات العدالة. وجاء في نص البيان: “علمنا بقلق بالأحكام الثقيلة بحق عدد من المتهمين في قضايا تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، من بينهم مواطنون فرنسيون”، مضيفا: “نأسف لغياب ظروف المحاكمة العادلة”.

وتأتي هذه الأحكام في سياق حملة ملاحقات واسعة تُواجه بانتقادات متصاعدة من أطياف المعارضة وجمعيات حقوقية، على خلفية اتهامات بتوظيف القضاء لإسكات الأصوات المنتقدة وتعزيز النزعة الفردية في الحكم.

وقد طالت القضية، التي انطلقت أطوارها في مارس الماضي، نحو 40 متهما، غادر عدد منهم البلاد فور توجيه التهم إليهم. وأصدرت المحكمة أحكاما بالسجن لمدد طويلة على قيادات سياسية بارزة، من بينها خيام التركي (48 سنة سجنا) ورجل الأعمال كمال لطيف الذي نال أقسى العقوبات (66 سنة سجنا). كما شملت الأحكام شخصيات أخرى على غرار غازي الشواشي، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، رضا بلحاج وشيماء عيسى، الذين قضت المحكمة بسجنهم 18 عاما لكل منهم.

وفيما وصفت منظمات حقوقية الأحكام بأنها “مؤشر خطير على التصعيد القمعي”، ترى السلطة أن المتهمين سعوا إلى زعزعة استقرار الدولة والتخطيط لقلب نظام الحكم. وكان الرئيس قيس سعيّد قد وصف في وقت سابق المتورطين في هذه القضية بـ”الخونة والإرهابيين”، مشددا على أنّ القضاة الذين قد يبرّئونهم سيكونون “شركاء في الجريمة”.

وبهذا الموقف، تكون فرنسا أول دولة أوروبية تُدلي بموقف رسمي من التطورات القضائية الأخيرة في تونس، في ظل صمت دولي لافت، بينما تواصل المعارضة التنديد بما تعتبره “محاكمات سياسية” تهدف إلى إقصاء المعارضين وطمس التعددية، في بلد لا يزال يواجه ارتدادات مسار ديمقراطي متعثر.

المصدر : صحافة بلادي