تونس بين رفض توطين المهاجرين والانتقادات الحقوقية : جدل مستمر حول المعالجة الأمنية للهجرة

تونس بين رفض توطين المهاجرين والانتقادات الحقوقية : جدل مستمر حول المعالجة الأمنية للهجرة

تجدد الجدل في تونس حول ملف الهجرة غير النظامية، مع تصاعد التوترات بين السلطات والمهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة في محافظة صفاقس، التي شهدت تفكيك مخيمات عشوائية للمهاجرين من قِبل الشرطة. هذه الإجراءات أثارت ردود فعل متباينة بين من يراها ضرورة لحماية الأمن القومي، ومن يعتبرها انتهاكًا لحقوق الإنسان.

موقف رسمي حازم: لا توطين للمهاجرين

أكدت السلطات التونسية، على لسان وزير الخارجية محمد علي النفطي، موقفها الرافض لتوطين المهاجرين غير النظاميين على أراضيها، مشددة على ضرورة إعادتهم طوعًا إلى بلدانهم الأصلية. وأشار الوزير خلال لقائه برئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة إلى أهمية تفعيل برامج العودة الطوعية، بما ينسجم مع الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي، والتي ساهمت، وفق الأرقام الرسمية، في تقليص عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر تونس بنسبة 80% خلال عام 2024.

الرفض الحقوقي والمجتمع المدني: انتقادات للمقاربة الأمنية

في المقابل، أعربت منظمات حقوقية تونسية ودولية عن قلقها من النهج الأمني الذي تعتمده السلطات في التعامل مع ملف الهجرة، مشيرة إلى أن تفكيك المخيمات وترحيل المهاجرين إلى مناطق حدودية يزيد من معاناتهم، خاصة في ظل غياب حلول إنسانية بديلة. كما استنكرت هذه المنظمات التضييقات القانونية على النشطاء العاملين في قضايا الهجرة، مما أدى إلى تراجع الحراك الحقوقي في هذا الملف.

اتفاقية تونس – الاتحاد الأوروبي: شراكة أم رضوخ؟

أعادت هذه الأحداث النقاش حول الاتفاقية التي وقعتها تونس مع الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة غير النظامية. فبينما ترى السلطات أن هذه الاتفاقية ضرورية لحماية الحدود وتعزيز الاستقرار، يعتبرها ناشطون “مجحفة”، حيث تفرض على تونس دور “الشرطي الحدودي” لصالح أوروبا دون مراعاة الأوضاع الإنسانية للمهاجرين، الذين يفرّون من أزمات اقتصادية وأمنية في بلدانهم الأصلية.

أزمة بلا أفق واضح

وسط تضارب الأرقام حول عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس – حيث تشير بعض التقديرات إلى وجود حوالي 800 ألف مهاجر – يبقى ملف الهجرة أحد أكثر القضايا الشائكة التي تثير انقسامًا واسعًا بين المعالجة الأمنية والحلول الإنسانية. وبينما تؤكد السلطات التونسية التزامها بحماية السيادة الوطنية، يظل التساؤل مطروحًا: هل يمكن إيجاد توازن بين ضرورات الأمن واحترام حقوق الإنسان؟

تونس بين رفض توطين المهاجرين والانتقادات الحقوقية : جدل مستمر حول المعالجة الأمنية للهجرة

المصدر : صحافة بلادي