تتصاعد التهديدات السيبرانية في العصر الرقمي: أبرز الاتجاهات والتدابير الوقائية
في ظل التحول الرقمي المتسارع، أصبح الأمان السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى. فقد شهدت الهجمات السيبرانية تطورًا هائلًا، حيث أصبح مجرمو الإنترنت يستفيدون من أحدث التقنيات لاختراق الأنظمة وسرقة البيانات. وفي هذا السياق، يكشف تقرير حديث صادر عن شركة “بلاك بيري” (BlackBerry) عن تصاعد التهديدات الإلكترونية في الأشهر الأخيرة، ويعرض أبرز الاتجاهات في الجريمة السيبرانية والإستراتيجيات التي يجب أن تعتمدها المؤسسات لمواجهتها.
تهديدات سيبرانية ناشئة
في الآونة الأخيرة، ظهرت عدة برمجيات خبيثة تهدد الأفراد والشركات على حد سواء. من أبرز هذه التهديدات:
- فيروس “لينكس” (Lynx): تطور عن فيروس “آي إن سي” (INC)، ويعتمد على الابتزاز المزدوج بتشفير البيانات وسرقتها ثم تهديد الضحايا بنشرها.
- حصان طروادة “كويوتي” (Coyote): يستهدف المؤسسات المالية في البرازيل باستخدام تقنيات اختراق متقدمة.
- منصة “رانسوم هاب” (RansomHub): تتيح لمجرمي الإنترنت تأجير برمجيات طلب الفدية دون الحاجة إلى معرفة برمجية.
- فيروس “هانترز إنترناشيونال” (Hunters International): نسخة متطورة من فيروس “هايف” (Hive)، يستهدف الشركات الكبرى.
إضافة إلى ذلك، تحتوي منصة “رانسوم هاب” على مجموعات مثل “لوك بيت” (LockBit) و”ألفا فايف” (ALPHV)، ما يجعلها مسؤولة عن معظم هجمات الفدية المكتشفة في الربع الثالث من عام 2024.
الذكاء الاصطناعي: أداة جديدة في يد القراصنة
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي سلاحًا جديدًا يستخدمه مجرمو الإنترنت في الهجمات السيبرانية، حيث يتم تطبيق تقنيات مثل التزييف العميق في عمليات الاحتيال وانتحال الهوية. وفي الواقع، من المتوقع أن تصل خسائر هذه الهجمات إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2027، حيث يتصدر القطاع المالي أهداف هذه الهجمات.
البنية التحتية الحيوية في مرمى الهجمات السيبرانية
تشير بيانات التقرير إلى أن “بلاك بيري” قد تمكنت من إحباط 600,000 هجمة إلكترونية استهدفت البنية التحتية الحيوية في الربع الأخير. كان 45% من هذه الهجمات موجهًا نحو القطاع المالي، مما يبرز أهمية حماية المؤسسات المالية.
كما أظهرت البيانات أيضًا أن الهجمات على المستشفيات قد ارتفعت بنسبة 278%، ما أدى إلى تسريبات ضخمة للبيانات الطبية. هذه الزيادة توضح مدى تعرض الأنظمة الحيوية للهجمات الإلكترونية.
الشركات التجارية: التهديدات تتزايد
تواجه الشركات التجارية تهديدات متزايدة من البرمجيات الخبيثة مثل “لوما سي تو” (LummaC2) و”ستيلير سي” (StealerC). هذه الهجمات تؤدي إلى اختراق الشبكات، تعطيل الأنظمة، وسرقة بيانات حساسة، مما يسبب خسائر مالية كبيرة.
في الربع الأخير، أحبطت “بلاك بيري” أكثر من 430,000 هجمة إلكترونية استهدفت الشركات في مختلف القطاعات. وبالنظر إلى التوزيع الجغرافي للهجمات، تظهر علاقة واضحة بين القيمة الاقتصادية واستهداف التهديدات الإلكترونية.
اتجاهات مقلقة في الجريمة الإلكترونية العالمية
يشير التقرير إلى تصاعد خطير في الجرائم الإلكترونية، حيث تزايدت الهجمات على البنية التحتية الحيوية مثل الطاقة والمياه. كما تم تسجيل 220,000 حالة اتجار بالبشر في جنوب شرق آسيا، حيث يُجبر الضحايا على تنفيذ الهجمات السيبرانية.
ولعل ما يثير القلق أيضًا هو استخدام التجسس الإلكتروني من قبل بعض الدول مثل كوريا الشمالية، التي تتسلل إلى شركات التكنولوجيا الغربية باستخدام تقنيات التزييف العميق.
زيادة الهجمات على قطاع الاتصالات
شهد قطاع الاتصالات تصاعدًا ملحوظًا في الهجمات السيبرانية، وكان من أبرزها اختراق شركة “إيه تي آند تي” (AT&T) في صيف 2024. أدت هذه الهجمات إلى تسريب بيانات العملاء وسجلات المكالمات. كما تزايدت الهجمات التي تعتمد على PowerShell لتنفيذ أوامر مشفرة، مما جعل من الصعب اكتشافها.
إستراتيجيات المواجهة: كيف تحمي المؤسسات نفسها؟
نظرًا للتهديدات المتزايدة، يتعين على المؤسسات اتخاذ إجراءات أمنية فعالة لحماية بياناتها. تقرير “بلاك بيري” يوصي بعدة خطوات:
- تقسيم الشبكات لمنع انتشار البرمجيات الخبيثة.
- استخدام أنظمة مراقبة متقدمة للكشف عن الأنشطة المشبوهة في الوقت الفعلي.
- عزل الأنظمة الحيوية عبر سياسات صارمة للتحكم في الوصول.
- تدريب الموظفين على التصدي لهجمات الهندسة الاجتماعية والتصيد الاحتيالي.
- النسخ الاحتياطي المنتظم لحماية البيانات.
- المصادقة الثنائية لحماية الحسابات الحساسة.
- تحديث الأنظمة بشكل دوري لسد الثغرات الأمنية.
الخاتمة
في الختام، تتزايد الهجمات السيبرانية بوتيرة غير مسبوقة، مما يجعل حماية البيانات أكثر أهمية من أي وقت مضى. لذا، يجب على المؤسسات تبني حلول أمنية متقدمة، وتحديث الأنظمة بشكل دوري، وتعزيز تدريب الموظفين على مواجهة التهديدات الحديثة.
مصدر:صحافة بلادي