على مدى السنوات الماضية، نفذت إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة بشكل خاص الميليشيات الإيرانية التي استغلت ضعف السلطة المركزية الناجم عن الحرب الأهلية التي اندلعت في 2011. منذ عام 2017، تجاوزت الضربات الإسرائيلية حاجز الـ400، وذلك ضمن إطار استراتيجية “الحرب بين الحروب” التي تهدف إلى الحد من التوسع العسكري الإيراني في المنطقة.
ومع ذلك، شهدت هذه الاستراتيجية تحوّلاً كبيراً في 7 أكتوبر 2023، حيث شنت إسرائيل أكثر من 180 غارة جوية في سوريا، وهو تصعيد ملحوظ مقارنةً بالسنوات السابقة، وفقاً لتقرير نشرته “وول ستريت جورنال”.
وفي هذا السياق، أشارت لينا الخطيب، زميلة في معهد تشاثام هاوس بلندن، إلى أن تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية على الوكلاء المدعومين من إيران، مثل حزب الله والجهاد الإسلامي، يأتي كرد فعل على التهديدات المتزايدة التي تشكلها هذه الجماعات. وأكدت أن تل أبيب بدأت تفقد تدريجياً تسامحها مع النفوذ الإيراني المتنامي في سوريا.
على مر السنوات الماضية، ركزت إسرائيل بشكل أساسي على استهداف الشحنات العسكرية والبنية التحتية، مع تجنب استهداف واسع لعناصر حزب الله، في محاولة لتقليل التداعيات والردود. وقد أكد مسؤولون إسرائيليون سابقون أن إسرائيل كانت تتجنب الاعتراف العلني بمسؤوليتها عن تلك الغارات لتجنب التصعيد المباشر.
لكن قواعد الاشتباك تغيرت بعد 7 أكتوبر. فعلى الرغم من أن إيران وحزب الله لم يسعيا لتوسيع الصراع بشكل كبير، إلا أنهما استعدا لصراع محتمل باستخدام سوريا كنقطة عبور للأسلحة، مما دفع إسرائيل إلى تكثيف غاراتها على الأراضي السورية لضرب الجهاد وحزب الله.
ورغم النجاح النسبي الذي حققته الحملة الجوية الإسرائيلية في إبطاء تدفق الأسلحة إلى حزب الله ومنع سوريا من الانخراط المباشر في النزاع، إلا أنها لم تنجح في القضاء الكامل على البنية العسكرية لحزب الله، الذي لا يزال يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ القادرة على ضرب مختلف أنحاء إسرائيل.
وفي ضوء ذلك، يرى بعض المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين أن الضربات الجوية وحدها ليست كافية لمعالجة التهديدات التي يشكلها حزب الله. ويعتقدون أن تل أبيب بحاجة إلى تبني استراتيجية أشمل وتوسيع نطاق عملياتها في سوريا لتعطيل قدرات حزب الله بشكل أكثر فعالية.