يُعد الانتحار أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الشباب في الولايات المتحدة، وفقًا لأبحاث جديدة تشير إلى أن غالبية الشباب الذين ماتوا عن طريق الانتحار لم يكن لديهم تشخيص موثّق لحالة صحية نفسية في سجلاتهم الطبية.
نشرت الدراسة في مجلة “JAMA Network Open”، ووجدت أن حوالي 3 من كل 5 شباب ماتوا منتحرين بين يناير 2010 وديسمبر 2021 لم يعانوا من أي حالة صحية نفسية تم تشخيصها مسبقًا، مما يشير إلى أن مشاكل الصحة النفسية قد لا يتم تشخيصها أو معالجتها لدى بعض الشباب.
شملت الدراسة بيانات لأشخاص تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا من نظام الإبلاغ عن الوفيات العنيفة الوطني التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، وشملت أكثر من 40 ألف حالة انتحار.
وكانت نسبة 40.4% فقط من الشباب الذين ماتوا منتحرين لديهم تشخيص موثّق لحالة صحية نفسية، مثل الاكتئاب السريري، أو الانفصام، أو اضطرابات القلق.
وأوضحت الدكتورة جينيفر هوفمان، المؤلفة المشاركة في الدراسة وطبيبة الطوارئ في مستشفى “آن وروبرت لوري” للأطفال في شيكاغو، أن الشباب الذين ماتوا منتحرين كانوا أقل ميلاً لأن يكون لديهم تشخيص موثق لحالة صحية نفسية، بما في ذلك أولئك الذين استخدموا الأسلحة النارية، والذين كانوا من الأقليات العرقية، والذكور، والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا.
وأضافت هوفمان، وهي أستاذة مساعدة في طب الأطفال في كلية “فينبرغ” للطب بجامعة “نورثويسترن”، أن النتائج تشير إلى الحاجة الملحّة لزيادة الوصول العادل إلى فحوصات الصحة النفسية، والتشخيص، والعلاج لجميع الشباب.
وجد الباحثون أن احتمالات التشخيص كانت أقل بين الأصغر سنًا، أي من تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا، مقارنةً بالأشخاص بين 20 و24 عامًا، وأقل بين الرجال والفتيان مقارنةً بالنساء والفتيات. وكان التشخيص موثقًا لدى 33.2% من الشباب الذين انتحروا بالأسلحة النارية، مقارنةً بـ61.6% من الذين ماتوا بالتسمم، و45.8% من الذين ماتوا بالشنق أو الاختناق، و44.2% ممن ماتوا بطرق أخرى.
وأظهرت البيانات أن معظم حالات الانتحار (64.8%) حدثت في المنزل، ونصف الوفيات (46.8%) كانت بسبب سلاح ناري. وكانت المشاكل مع الشريك الحميم ومشاكل العلاقات الأسرية هي الظروف الأكثر شيوعًا التي تسبق الانتحار.
وقالت الدكتورة نينا مينا، طبيبة نفسية في أتلانتا، إنها تصادف حالات مشابهة طوال الوقت، حيث يعبر الأطفال عن أفكار انتحارية بعد جدال مع أحد أفراد الأسرة. وأضافت أن العديد من الشباب يمكن أن يصابوا بحالة من الغضب الشديد نتيجة ضعف مهارات التأقلم وتنظيم العواطف وعدم تحمل الضغوط النفسية.
ووجدت أبحاث سابقة أن معدلات الانتحار والقتل بين الأطفال والشباب البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عامًا في الولايات المتحدة وصلت في عام 2021 إلى أعلى مستوى لها منذ عقد من الزمان، حيث توفي عدد أكبر من الأشخاص من جميع الأعمار عن طريق الانتحار في الولايات المتحدة في عام 2022 مقارنةً بأي عام آخر في السجل، الذي يعود إلى عام 1941 على الأقل.
في الدراسة الجديدة، قام باحثون من معاهد الصحة الوطنية الأمريكية ومؤسسات أخرى بتحليل بيانات من نظام الاستعلام والإبلاغ الإحصائي التابع لمراكز مكافحة الأمراض، حيث أُدرج الانتحار كسبب رئيسي للوفاة لأكثر من ألفي طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عامًا، في الفترة من يناير 2001 إلى ديسمبر 2022.