لطالما كانت روسيا المورد الرئيسي للطاقة في أوروبا، حيث تزود القارة بكميات كبيرة من الغاز والنفط. ومع ذلك، شهدت أسواق الطاقة الأوروبية والعالمية تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، خاصة مع اندلاع الأزمة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022. أدت هذه الأزمة إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار بعد عقود من الاعتماد الكبير على الطاقة الروسية.
أعلن الرئيس التنفيذي لشركة شل، وائل صوان، أن أزمة الطاقة في أوروبا قد انتهت، ما يثير تساؤلات حول مدى نجاح أوروبا في تقليل اعتمادها على الطاقة الروسية وما إذا كان الاستقرار قد عاد إلى أسواقها. في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أكد صوان أن أسعار الطاقة قد عادت إلى مستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال صوان: “لقد شهدنا في الربع الثاني من العام الحالي عودة الأسعار إلى مستويات طبيعية قبل عام 2022″، مشيرًا إلى أن أسعار الغاز والنفط الخام والكهرباء قد انخفضت وأصبحت أكثر استقرارًا. ومع ذلك، أوضح صوان أن شركة شل تستعد لمواجهة تحديات مستقبلية خلال التحول الطاقوي.
أوروبا لا تزال تواجه أزمة الطاقة
من جهته، أشار مستشار الطاقة الدولي، عامر الشوبكي، في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن أوروبا لا تزال تعتمد على الطاقة الروسية رغم العقوبات المفروضة على موسكو. وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يستورد 16% من احتياجاته من الغاز من روسيا، كما تعتمد بعض الدول مثل التشيك وسلوفاكيا وهنغاريا على النفط الروسي.
وأضاف الشوبكي أن أوروبا لم تواجه في العامين الماضيين شتاءً قارص البرودة، محذرًا من أن أي انقطاع في إمدادات الغاز الروسي قد يتسبب في أزمة جديدة خلال الشتاء المقبل. كما أشار إلى أن أسعار الكهرباء لا تزال مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، حيث وصلت إلى 35 يورو للميغاواط ساعة، في حين كانت قبل الحرب أقل من 20 يورو للميغاواط ساعة.
ورغم انخفاض أسعار الغاز، أكد الشوبكي أن أوروبا لا تزال تستورد كميات كبيرة من الغاز الروسي، وأن الاتحاد الأوروبي لم يتخلص تمامًا من اعتماده على الطاقة الروسية.
تداعيات اقتصادية واستراتيجية
ممدوح سلامة، خبير النفط العالمي، أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي تمكن إلى حد ما من تحقيق استقرار في أسعار الطاقة، ولكنه لا يزال يستورد كميات كبيرة من الغاز الروسي. وأوضح أن روسيا، رغم العقوبات، تواصل تصدير النفط والغاز إلى الصين والهند ودول آسيوية أخرى.
وأشار سلامة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا من إزالة سيطرة روسيا على إمدادات الطاقة العالمية. وأوضح أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 90 دولارًا للبرميل خلال النصف الثاني من هذا العام، وأن أوبك+ ستواصل خفض الإنتاج حتى ترى حاجة لزيادته.
في الختام، رغم التصريحات المتفائلة من بعض المسؤولين التنفيذيين في شركات الطاقة، يبدو أن أوروبا لا تزال تواجه تحديات كبيرة في قطاع الطاقة بسبب استمرار اعتمادها على الإمدادات الروسية، ما يجعل من الصعب القول إن الأزمة قد انتهت تمامًا.