تواجه هيئة الانتخابات التونسية تحديات كبيرة في ظل تصاعد الخلافات الداخلية التي تهدد مصداقية العملية الانتخابية في البلاد، فقد تم تعيين الهيئة الحالية بقرار من الرئيس التونسي قيس سعيّد في مايو 2022، ومنذ ذلك الحين وهي تعاني من توترات وانقسامات تعكر صفوها.
وقد أعلنت هيئة الانتخابات عن قرارها بطلب إعفاء عضو ثالث، ماهر الجديدي، بسبب مخالفته واجب التحفظ والحياد. وتأتي هذه الخطوة بعد إقالة العضو الأول سامي بن سلامة واستقالة العضو الثاني الحبيب الربعي، هذا التصعيد يعمق الشرخ داخل هيئة الانتخابات ويضر بمصداقيتها، ويثير تساؤلات حول قدرتها على إدارة العملية الانتخابية بشفافية ونزاهة.
و تعتبر هيئة الانتخابات التونسية مؤسسة حيوية للديمقراطية في البلاد، وكانت تتمتع بمصداقية كبيرة قبل الثورة التونسية، حيث كانت تزور الانتخابات على نطاق واسع. لكن الآن، يتساءل العديد من الخبراء الانتخابيين عن قدرة الهيئة الحالية على استعادة هذه المصداقية وإدارة العملية الانتخابية بشكل مستقل ومحايد.
و تشير التصريحات والتصرفات الأخيرة لأعضاء الهيئة إلى انقسامات عميقة داخلها. فقد اتهم رئيس الهيئة فاروق بوعسكر جهات مجهولة بمحاولة زعزعة استقرار العملية الانتخابية والتأثير على نتائجها. بينما أكد الأعضاء السابقون أن القرارات التي اتخذتها الهيئة لم تكن مستقلة وتعاني من تدخلات سياسية.
و تأتي هذه الأحداث في ظل اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في العام المقبل، مما يزيد من التوتر والقلق بين الشعب التونسي والمجتمع الدولي. فإذا لم تتمكن الهيئة من تجاوز الخلافات الداخلية واستعادة مصداقيتها، فقد يتعرض النظام الديمقراطي في تونس للخطر.
و بالإضافة إلى ذلك، فإن تأخر عملية الانتخابات قد يؤثر سلبًا على الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، حيث يحتاج تونس إلى حكومة قوية ومستقرة للتصدي للتحديات الراهنة وتعزيز التنمية الاقتصادية.
و لذا، يجب على جميع الأطراف المعنية أن تتخذ إجراءات عاجلة للتهدئة وحل الخلافات الداخلية، وضمان استقلالية ونزاهة الهيئة الانتخابية التونسية. كما ينبغي أن يدعم المجتمع الدولي تونس في هذه الفترة الحرجة، وأن يقدم الدعم اللازم لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحقق إرادة الشعب التونسي وتعزز استقرار البلاد.
و إن استعادة مصداقية هيئة الانتخابات التونسية هي أمر حاسم لضمان استقرار العملية الانتقالية في البلاد والحفاظ على قواعد الديمقراطية. وإلا فقد تعيق الخلافات الداخلية والتوترات السياسية الحالية مسيرة تونس نحو الاستقرار والتنمية المستدامة.
المصدر : صحافة بلادي