الجزائر- قررت الجزائر التراجع عن قرار تجميد المعاملات التجارية مع إسبانيا، وذلك بعدما كانت قد قررت ذلك كرد فعل على التحول التاريخي في الموقف الإسباني تجاه ملف الصحراء المغربية والتي اعتبرت(إسبانيا) الحكم الذاتي الذي اقترح المغرب “أكثر حل واقعي وجدي وناجع”.
في ذات السياق، أعلنت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية (ABEF)، وهي منظمة مصرفية رئيسية في الجزائر، عن “رفع القيود المفروضة على العمليات المصرفية المتعلقة بالتجارة الخارجية مع إسبانيا”، وهو ما يجعل قرار تراجع الجزائر، عن هذه الخطوة محط تساؤلات عن خلفياتها.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الأمية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، أن “القرار بقطع العلاقات مع إسبانيا كان منذ البداية خاطئا ومتهورا وغير محسوب العواقب”.
وشدد المتحدث ذاته في تصريح صحفي، على أن “النخبة الجزائرية التي اتخذت القرار كان ذا حمولة سياسية محضة وكان بمثابة رد فعل إزاء التقارب المغربي الإسباني بعد تصحيح العلاقات بينهما واعتراف إسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي كمبادرة جيدة، ودخلت (إسبانيا) في إطار المنظومة الدولية التي تدعم الحل المغربي”.
وأشار العروسي إلى أن “الجزائر كانت تعلم أن المضي في القطيعة مع إسبانيا هي مسألة لا يمكنها أن تطول، خاصة أن الأمر يتعلق بمبادلات تجارية وازنة وقوية تجمع الجزائر وإسبانيا وقطع هذه العلاقات سيؤثر على ميزان الأداءات بين الجزائر وإسبانيا وسيؤثر على الاقتصاد الجزائري”.
وأضاف، أن “الجزائر وقعت ضحية التهور في اتخاذ القرار، ما يعني أن من يتخذ القرارات في الجزائر يتخذها بشكل غير مدروس، وقرارات متهورة تعكس ذهنية جزائرية منقادة، في إطار سياسة رد الفعل وليست سياسة مهادنة مسالمة”.
وأوضح لعروسي، أنه “بعد اتخاذ هذا القرار اتضح للنظام السياسي في الجزائر أن عواقبه ستكون جد وخيمة على مستوى العلاقات ولن تجني منه الجزائر تلك النتائج التي كانت تتوقعها”.
كما أكد على أن “صيغت تراجع القرار الجزائري كانت مُذِلّـةّ للجزائر، بحيث أن من تراجع عن القرار هو الجزائر وليست إسبانيا، إذ كيف لك أن تتخذ قرارا بقطع العلاقات وبعد ذلك تقوم الجزائر بتنازلات”.
من جهة أخرى، أشار لعروسي إلى أن “السياسية تعرف دائما تنازلات، لكنه بمقارنة ما وقع للجزائر (مقارنته) مع علاقة المغرب بإسبانيا، فقد ظلت العلاقات المغربية الإسبانية متشنجة ولكن ظل الحد الأدنى من المبادلات التجارية موجودا، والحد الأدنى من الحوار موجودا أيضا، حيث انتظر المغرب الفرصة المناسبة لتتنازل إسبانيا وتقدم أوراق اعتمادها للمغرب على أساس الشروط المغربية، لكن ما يقع مع الجزائر هو العكس”.