الجزائر- وصف السياسي والمعارض الجزائري كريم طابو مبادرة “لم الشمل” التي أطلقها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بأنها تشبه في مظهرها الحالي مشروع إعادة رسكلة وتجميل لكل أولئك الذين رفضهم الحراك الشعبي والذين يعتمد بقاؤهم كلياً على بقاء النظام القائم. موضحا أن لم الشمل الحقيقي من منظوره هو في “رد حق الجزائريين في التظاهر بحرية وفي استعادة الحراك”.
وقال المتحدث ذاته، في رسالة بمناسبة ستينية الاستقلال، إن مضمون مبادرة لم الشمل التي تأتي حسبه بينما البلاد تنهار وتغرق في الأزمة، غامض إذ لم تحدد أهدافها السياسية ولا جدولها الزمني ولا الإجراءات التي من خلالها سيتم تنفيذها. مشيرا إلى أن ما يسمى بالنوايا الحسنة الكامنة وراءها، سرعان ما يكذبها استمرار ممارسات القمع والاعتقالات والمنع. واعتبر أن هذه الخدعة التي تتمثل في تسريب معلومات حول مبادرة سياسية مزعومة، وترك هامش مناورة كبير للشرطة السياسية لتنفيذ عملها الجواري ومحاولة إعادة تعبئة زبائنها، مع دعم مؤكد من وسائل إعلام تحت الأوامر، سبق اختبارها وتجريبها في فترة بوتفليقة، ولن تأتي حسبه، بأي جديد للانسداد الحالي.
وأضاف السياسي أن “الإفراج المحتمل عن بعض المعتقلين، بمناسبة ذكرى ستينية الاستقلال، والذي يقدمه بعض عملاء الأجهزة الانتهازيين، على أنه إنجازهم السياسي، لن يغير في شيء حالة الانسداد الراهنة التي تعيشها البلاد”.
كما أشار منسق الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي -قيد التأسيس- إلى أن الأحزاب والشخصيات التي انضمت لهذه المبادرة، على أمل جني بعض المكاسب، وافقت على أن تكون متواطئة في جريمة إخضاع العدالة، والتي زادها خطورة، حسبه، استخدامها كأداة سياسوية، في وقت كان يفترض على هذه الأحزاب تقوم بالتنديد المسبق ومنذ البداية، بكل هذه الاعتقالات التعسفية، والمطالبة بالإفراج غير المشروط والفوري، والإلغاء الصريح لكل المتابعات القضائية، وإعادة الاعتبار لجميع معتقلي الحراك”
.
وتابع، “احتجاز سجناء الرأي كرهائن، لجعلهم موضوع مساومة سياسوية غير مقبول أخلاقياً”، مشيرا إلى أن “هؤلاء المعتقلين ليسوا إرهابيين ولا خارجين عن القانون، لم يرتكبوا أي جريمة، لقد تجرؤوا فقط على قول حقيقة يعلمها الجميع: السلطة هي المسؤول الوحيد عن المعاناة التي يعيشها الشعب الجزائري” وهذه المسؤولية، حسب طابو، تتجلى “في خصخصة الدولة وتجريد الأمة من استقلالها وحريتها ومؤسساتها وفي تدمير الاقتصاد الوطني الذي شيدت خلفه إمبراطوريات مالية استولت على ثروات البلاد، وفي أزمة الحكم التي همشت الكفاءات ودفعت إلى المنفى جزءاً كبيراً من النخبة الجزائرية التي تركت مكانها للأقل ذكاء والأكثر رداءة، وفي الأزمة الثقافية التي سلبت المجتمع من كل قيم أجداده ولغته الأم، وتاريخه الألفي، لإغراقه في ظلامية رجعية وفي فلكلور هو خليط من الفحش والابتذال والخزي، وفي الأزمة الاجتماعية التي حولت حياة الجزائرية إلى سعي يومي لا يطاق للحصول على المنتجات الاستهلاكية”.
وفي ذات السياق، دعا طابو قيادة الجيش إلى تجنب التورط في صراعات السلطة والالتزام بمهامها المحددة دستورياً. وانتقد بشدة الظهور المتكرر لرئيس أركان الجيش، قائلاً: “لا يوجد أي نص قانوني ودستوري يمنح لقائد الأركان الحق في إلقاء خطب سياسية..السياسة يجب أن تعاد لسياسيين”. معتبرل أن الطبقة السياسية غارقة في صمت متواطئ أمام هذا الانحراف. وأضاف أن رئيس الأركان عليه احترام المبادئ التأسيسية لهذه المؤسسة، ومنها عدم التدخل في الشؤون السياسية، مضيفا إذا سمح البعض لأنفسهم بهذا التجاوز، فإن البعض الآخر قد يقع ضحية إغراء استخدام المدرسة والمسجد وحتى الإدارة لأغراض سياسية”.
من جهة أخرى، وفي تصوره لحل الأزمة، قال المعارض السياسي إن (لم الشمل) الحقيقي هو “في رد حق الجزائريين في التظاهر بحرية وفي استعادة الحراك، لأنه السبيل الوحيد لقياس درجة انضمام الجزائريين. لا يحق لأحد أن يتكلم باسم الشعب أو باسم الحراك، وحده الشعب يحق له فعل ذلك، ولا يمكنه فعل ذلك إلا بممارسة حرياته كاملة”. كما شدد على أن الإبقاء على حظر الحراك، يؤكد غياب الإرادة السياسية ورفض السلطة الخضوع للسيادة الشعبية.
وطرح كريم طابو شروطاً لاستعادة الثقة السياسية كمقدمة لأي انخراط في أي مسار سياسي. مثل “الإفراج غير المشروط لكل المعتقلين، وقف الملاحقات والمضايقات القضائية ضد المناضلين والصحافيين والنشطاء الاجتماعيين، وضع حد لتدخل الجيش في الحقل السياسي، فتح ميدان النقاش واستعادة الحق في الإعلام، اتخاذ تدابير عاجلة لتكريس العدالة الاجتماعية”، في المقابل، قال الوجه البارز في مسيرات الحراك الشعبي، إنه من “الضروري على جميع الشخصيات والمناضلين والمثقفين الذين تحملوا مسؤولية الحراك، الاجتماع مجدداً، من أجل دفع البلاد على طريق بديل شعبي حقيقي لا مفر منه، لأنه السبيل الوحيد لتجنب البلاد مخاطر الانهيار والتفكك”.