خطبة الجمعة- قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، اعتماد خطبة موحدة يوم غد الجمعة 24 يونيو 2022، حول “نعمة الماء”، وضرورة ترشيد استعمالها.
ودعا الوزير في مذكرة له مندوبي الشؤون الإسلامية إلى تبليغ نص الخطبة الموحدة إلى جميع الخطباء، مع حثهم على وجوب التقيد بها وعدم التصرف فيها.
وهذا نص الخطبة:
خطبة موحدة: نعمة الماء والاقتصاد في استعماله.
الحمد لله الذي جعل من الماء كل شيء حي، وجعله قوام الحياة للأنام والدواب والنبات، سبحانه لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المومن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، له الأسماء الحسني، يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المومنون، إن الدين الإسلامي الحنيف، دين الدعوة إلى السلوك القويم والتعامل مع الله بالقلب السليم، هذا الدين مبني على أسس من الأخلاق المتينة، ومن أركانها شكر النعم، كل النعم، ومنها نعمة الوجود، ونعمة الإيمان، ونعمة الصحة، ونعمة الرزق، ونعمة الأمن، وغير ذلك مما هو هبة من الله تعالى وعطاء، قال عز وجل: “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها“.
وإن من النعم العظمي التي أنعم الله بها على عباده والتي تستوجب الشكر الدائم بالمحافظة عليها: نعمة الماء، قال الله تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي“، فالماء معجزة ربانية، وينبوع الحياة، وسر الوجود، وروح الحضارة، وسيد الشراب، وعنصر أساسي في تكوين الكائنات الحية، وعامل جوهري لكل نشاط اقتصادي، يشكل حجر الزاوية لكل تنمية اجتماعية واقتصادية للبلاد، فهو الذي يحيي البلد الميت، فيسري في العود، ويشيع في الجو، ويدب في الأجسام، وينشأ عنه بعث ونشور، يقول الله تعالى: “وترى الارض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج هيج“، وقال عز من قائل: “والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون”.
والملاحظ أن لفظ “الماء“، في القرآن الكريم ورد في ثلاثة وستين موضعا، معظمها ذكر في السور المكية: في نحو ثمانية وأربعين موضعا، وهذا في حد ذاته دليل على أهمية الماء في جدل القرآن مع مخالفيه.
وقد اعتنى الفقه الإسلامي أيما اعتناء بموضوع الماء، حيث تناول الفقهاء كثيرا من القضايا المتعلقة به سواء ما تعلق بأنواع المياه والقواعد المتعلقة باستعمالها والانتفاع منها. غير أن من أهم الأمور في موضوع الماء أخلاق التعامل الفردي مع الماء، وقاعدة الأساس في هذه الأخلاق تقوم على ضرورة تجنب الإسراف والتبذير، فالمؤمن يتميز بضمير حي حاضر يحاسبه في كل وقت، فلو أخذنا مثالا وحيدا وهو استعمال الماء في الوضوء، لوجدنا أن الإكثار من صب الماء مكروه: فما بال الإسراف في أنواع أخرى من الاستعمال، قال تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين“.
عباد الله، إن الإسلام يوجب علينا المحافظة على نعمة الماء وشكر الله تعالى بعدم لما لها من دور استراتيجي في التنمية الشاملة، وهذا ما جعل بلادنا تولي تدبير المياه أهمية قصوى، حيث نهجت سياسة مائية اتسمت بالاستشراف والاستباقية من خلال إنجاز بنية تحتية مائية مهمة مكنتها، من ضمان حاجياتها من هذه المادة الحيوية وذلك في ظل عدم انتظام الموارد المائية في المكان والزمان، فقد شهدت بلادنا خلال السنوات الأخيرة ظروفا مناخية صعبة، اتسمت بانخفاض ملحوظ في التساقطات مما أثر سلبا على حجم الواردات على مستوى حقينات السدود.
وفي هذا السياق، يسجل التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز السياسة الحكيمة للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه فيما يتعلق ببناء السدود من أجل تحقيق الأمن المائي لهذه الأمة وقد واصل مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله نهج هذه السياسة الرشيدة، والخطة المتبصرة الحكيمة، حتى يؤمن الموارد المائية للأجيال الحاضرة والمقبلة.
وتنفيذا للتوجيهات السامية لمولانا أمير المومنين، الذي ما فتئ يولي الماء بالغ اهتمامه، أصبح لزاما تكثيف التواصل والتحسيس حول الوضعية الراهنة للموارد المائية الوطنية بغية ضمان انخراط المواطنين والمواطنات، في المجهودات المبذولة للحفاظ عليها.
المصدر: صحافة بلادي